أفلام الحافظة الزرقاء للكاتب أحمد خالد توفيق
لست ناقدًا سينمائيًا؛ لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلاً... أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها من يحب. د. أحمد خالد توفيق
List activity
250K views
• 26 this weekCreate a new list
List your movie, TV & celebrity picks.
23 titles
- DirectorStanley KubrickStarsKeir DulleaGary LockwoodWilliam SylvesterAfter uncovering a mysterious artifact buried beneath the Lunar surface, a spacecraft is sent to Jupiter to find its origins: a spacecraft manned by two men and the supercomputer HAL 9000.أولاً دعنا لا ننكر أن هذا فيلم صعب بالتأكيد، ويحتاج إلى تركيز كبير، كما أن الحوار السائد فيه هو الصمت. لكنك ستشاهده مرة ومرتين وثلاثا إذا تذكرت أن النقاد يرونه أدقّ وأعمق وأجمل فيلم خيال علمي على الإطلاق. الفيلم الذي جاء قبل "حروب النجم" بعشر سنوات، وبرغم هذا هو أدقّ منه علميا، وأكثر إحكاما بصريا. الفيلم الذي ارتبط للأبد بمقطوعتي ريتشارد شتراوس ويوهان شتراوس "هكذا تكلم زرادشت" و"الدانوب الأزرق" بالترتيب. لاحظ أن الفيلم مصمم أصلاً للعرض بمقياس 70 ملم، ومعنى هذا أنه لا توجد سينما في مصر يمكن أن تعرضه.. ومعناه أن مشاهدته على الكمبيوتر أو في التليفزيون قتل له.
من أين نبدأ الكلام؟ نبدأ من ستانلي كوبريك المخرج العبقري.. أحد أعمدة السينما. الذي تمرّد على هوليوود، فذهب إلى إنجلترا ليقدم الأفلام التي يريدها بشروطه الخاصة، وبأجهزته وطاقم العمل الذي يريده، وهو أكثر مخرج موسوس مولع بالدقة في التاريخ؛ لدرجة أنه كان يعيد تصوير بعض المشاهد في أفلامه 180 مرة! عندما تذكر اسم كوبريك سوف تذكر على الفور أسماء مثل "لوليتا".. "سبارتاكوس".. "عينان مغلقتان باتساع". "البرتقالة الآلية".. "خزانة مليئة بالطلقات".. "دكتور سترانجلاف".. "تألق"... وطبعا فيلم اليوم.
العبقري الأمريكي يبحث عن موضوع، كان يفكر في تقديم فيلم الخيال العلمي الأمثل.. هنا يجد قصة قصيرة كتبها أديب الخيال العلمي أرثر كلارك اسمها "الحارس". يتصل بكلارك المقيم في سيلان طيلة الوقت، ويبدأ الرجلان كتابة السيناريو ببطء شديد. وفي العام 1968 يخرج هذا الفيلم للعالم. كل أفلام ستانلي كوبريك تفشل لدى عرضها الأول، وقد بدا هذا واضحا.. لكن شباب الهيبز بدأوا يذهبون للسينما؛ لأنهم وجدوا أن الفيلم تجربة بصرية غير عادية، خاصة إذا كان المشاهد تحت تأثير عقار الهلوسة. بعد قليل بدأ المشاهد العادي يذهب للسينما ليفهم ما يدور.. وهنا أدرك العالم أنه أمام معجزة سينمائية كاملة. وهو تقريبا أقلّ الأفلام اعتمادا على الحوار في تاريخ السينما.. أول جملة تنطق فيه تقال بعد عشرين دقيقة. رشّح الفيلم لأربع جوائز أوسكار نال منها واحدة، مع قدر لا بأس به من الظلم طبعا.
الفيلم يحكي عن كائنات فضائية لا نراها ولا نعرف عنها الكثير، لكنها أخذت على عاتقها التطوّر العقلي لكل كائنات المجرة، ولهذا ترسل جسما حجريا أسود غريب الشكل إلى أرجاء الكون، وحيثما يقف هذا الجسم الحجري يتطور الإنسان بسرعة خارقة. إنهم الحراس.. الحراس الذين يقفون في أرجاء المجرة يساعدوننا على أن نتطور.
في بداية الفيلم نرى قبيلة بدائية تتصرف كالقردة تماما، ثم تكتشف هبوط هذا الجسم الغامض في أرضها. نتيجة لهذا يتعلم أفراد القبيلة استعمال أيديهم ويتعلمون كيف يصنعون السلاح وكيف يقتلون بعضهم.. ثم تأتي اللقطة الشهيرة في تاريخ السينما عندما يقذف أحد البدائيين خصمه بقطعة عظم.. تطير العظمة في الهواء وتتحول إلى سفينة فضاء ذاهبة للقمر.. لقد اختصر الفيلم ملايين السنين من التطور في ثانية.
ن العالم (فلويد) ذاهب للقمر؛ للتحقيق في جسم حجري غامض مزروع هناك، يسبب ظاهرة تدعى TMA. إن هذا الجسم يشبه بالضبط الجسم الذي هبط على البدائيين في بداية الفيلم. يعرف أن الجسم يرسل إشارات صوتية غامضة إلى كوكب المشترى.
بعد عام تنطلق سفينة فضائية نحو كوكب المشترى. هذه السفينة يتمّ التحكم فيها بالكامل بواسطة الكمبيوتر كلي القدرات HAL وهو الاسم الذي اختاره كوبريك ليسخر من IBM (الحروف السابقة في الأبجدية بالضبط). إن هال يبدو كشخص واثق من نفسه ثرثار جدا ويراقب كل شيء.
يصاب الكمبيوتر هال بنوع من الجنون، ويتسبب في مقتل أحد رجُلي الفضاء، ويوشك على قتل الآخر الذي يضطر لتدميره. هنا يرينا كوبريك مشهدا لا يُنسى لرائد الفضاء يقوم بتخريب دوائر الكمبيوتر، بينما الكمبيوتر يتوسل له بلا توقّف كي يعطيه فرصة أخرى.. وفي النهاية يفقد صوابه تماما فيبدأ في غناء أغنية أطفال وهو يحتضر.
إن الكمبيوتر يبدو أكثر إنسانية وإثارة للشفقة من الإنسان في هذا المشهد. من اللافت للنظر أن هال هو أكثر أبطال الفيلم كلاما، وهو الوحيد الذي يعبّر عن نفسه بكفاءة.
لقد صار رائد الفضاء ديفيد باومان وحده على ظهر سفينة بلا جهاز كمبيوتر، ضائعا تماما، ومهمته هي استقصاء وجود جسم حجري غامض آخر على كوكب المشترى.
هكذا يصل ديفيد إلى الجسم الحجري، ويكتشف أنه مجوّف، وأنه يمكن أن يبتلع سفينة الفضاء ذاتها.. هناك مجرة كاملة بداخله وبوابة تقود لبعد آخر.. فيرى ما لم يره بشري قبله.
هنا يبدأ الحلم البصري المذهل الذي كان سبب نجاح الفيلم. في النهاية يكتشف أنه في غرفة نوم قام الفضائيون بتصميمها لتشبه غرفنا.. سرير عتيق وتليفزيون وثلاجة. كلها أشياء زائفة صنعوها من مراقبتهم لبرامجنا التليفزيونية. ينام في الفراش للمرة الأخيرة، وعندها يولد الطفل الرضيع الذي يحلق في السماء. طفل النجوم.... البشرية برغم هذا النضج ما زالت طفلاً بحاجة إلى من يأخذ بيده، لكن ليس التفسير بهذه البساطة، ويمكن القول إن كل من رأى الفيلم كان له رأي مختلف في النهاية. هذا فيلم صُنع كي يبقى معك طويلاً. قام ببطولة الفيلم الممثل كير دوليا في دور رائد الفضاء ديفيد، ووليام سلفستر في دور د. فلويد. لا توجد أدوار ذات أهمية على الإطلاق؛ لأنه لا توجد عبارات حوار تقريبا. تمّ التصوير في بريطانيا، وكان المسئول عن المؤثرات الخاصة شديدة التعقيد دوجلاس ترومبول، وهي مؤثرات لا تتم في المختبر ولا تتم على جهاز الكمبيوتر؛ ولكن تتم داخل الكاميرا نفسها كما طلب كوبريك.
من الناحية العلمية هذا أدق أفلام الخيال العلمي على الإطلاق. هناك عدة مستشارين علميين اقترحهم آرثر كلارك نفسه. وهو الفيلم الوحيد الذي لم يقع في فخ انتقال الصوت عبر الفضاء. كل أفلام الخيال العلمي تسمع فيها صوت الانفجارات بوضوح تام في الفضاء الخارجي. مشاهد انعدام الوزن دقيقة جدا فيزيائيا.. وكذلك تأخر وقت الاتصال بين المركبة وكوكب الأرض، وطريقة الخروج من المركبة في كبسولة. أي عالم فضاء يرى هذا الفيلم يعجز عن إيجاد خطأ واحد إلا فيما ندر.
مع نجاح الفيلم الساحق، قدم أرثر كلارك رواية "2001 أوديسة فضائية" التي تعيد تفسير الفيلم من جديد. يطلق على هذا النوع من الأدب اسم Spin off أي أن الرواية لم تصنع الفيلم، لكن الفيلم صنع الرواية. بما أن الفيلم تجربة بصرية بالكامل، وبما أن الغموض مقصود في حد ذاته، فإن نقادا عدة رأوا أن الرواية حوّلت عملاً شعريا رائعا إلى نثر جافّ بلا أسرار.
هذا هو أول فيلم في الحافظة الزرقاء.. تعالَ نرجعه مكانه ولننتقِ فيلما آخر.
تاريخ النشر: 06/12/2010 - 02:23:17 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/10/december/6/23955[/link] - DirectorFrancis Ford CoppolaStarsMartin SheenMarlon BrandoRobert DuvallA U.S. Army officer serving in Vietnam is tasked with assassinating a renegade Special Forces Colonel who sees himself as a god.لفترة طويلة ظل هذا الفيلم يتصدر قوائم أفضل الأفلام في التاريخ، فهو حلم وكابوس كاملان في آن واحد، وقد عاد لدائرة الاهتمام مؤخرًا بمناسبة صدور نسخة ريدوكس له. ريدوكس Redux معناها (مستعادة).
رأيت الفيلم في السينما عام 1980، وأذكر أنني أصبت بحالة ذهول وانبهار في النصف الأول منه، ثم لم أعد أفهم شيئًا على الإطلاق في النصف الثاني. الفكرة هي أن الفيلم ينزلق ببطء من عالم الواقع إلى عالم فلسفي كابوسي شديد التعقيد. يقولون كذلك إنه من الصعب أن تفهم الفيلم ما لم تكن قد قرأت "قلب الظلام" رواية جوزيف كونراد الشهيرة. أنا قرأت الرواية بل وترجمتُها للعربية كذلك في واحدة من أصعب و"أسوأ" الترجمات التي أنجزتها! لكن الرواية لا تجعل الأمور أسهل. تدور الحبكة حول رحلة مضنية في نهر بالكونغو يقوم بها البطل للقاء رجل غريب الأطوار يدعى كورتز، هو مزيج من سفاح وتاجر عاج وفيلسوف وشاعر ونبي كاذب، جعلت منه القبائل الإفريقية شبه إله، والسبب هو أنه دعا لدين جديد هو "الرعب"... من الواضح تمامًا أن الرحلة في النهر هي رحلة داخل نفوسنا ذاتها، وأن قلب الظلام هو أعماقنا..
هذا هو محور الفيلم الذي استبدل بالكونغو فيتنام... (أبوكاليبس Apocalypse) هو "سفر الرؤية" أو يوم القيامة في التوراة..
الآن نقابل المخرج العبقري فرانسيس فورد كوبولا الذي أثار ذهول العالم بفيلم "الأب الروحي" الذي أخرجه وهو في الثلاثين من عمره تقريبًا. تروق قصة "قلب الظلام" لكوبولا.. تروق له لدرجة أن يقرر عمل فيلم ملحمي عنها. ومن أجل هذا الفيلم يرهن بيته ويبيع كل ما يملك، مع مساهمة شركة يونايتد أرتستس بنصف التكلفة، ومساعدة حكومة الفلبين له، ليحصل على ثلاثين مليونًا، وهو مبلغ مخيف بمقاييس السبعينيات. ثم يكتب السيناريو بالاشتراك مع جون ميلوش على مدى ستة أعوام. ولسوف تلاحظ في الفيلم تركيزًا على علب سجائر مارلبورو وأجهزة تسجيل سوني، ولربما كان هناك إعلان عن معجون أسنان فيتنامي! لكن كل شيء مبرر من أجل النتيجة النهائية..
استعان السيناريو بخبرات صحفي عاصر حرب فيتنام هو مايكل هير. جمع كوبولا مئات المعلومات عن حرب فيتنام بدءًا بانتشار تدخين الماريجوانا بين الجنود وكثرة السود وبرامج البلاي بوي الترفيهية... إلخ.
بدأ التصوير عام 1976 في الفلبين.. إن الفلبين هي فيتنام جاهزة لدى السينما الأمريكية، كما أن الأردن هو العراق دائمًا في هذه الأفلام. عملية قصف القرية في بداية الفيلم استغرق تصويرها 16 أسبوعًا، وقد احترقت طائرات حقيقية.. لقد كان الأمر أقرب لحرب واقعية.
كان بطل الفيلم الرئيس هو مارتن شين، لكن دور كورتز كان بحاجة إلى شخصية لا تقلّ عن مارلون براندو، وقد قبل هذا الأخير القيام بالدور. كان النجم العالمي مشكلة؛ لأنه صار بدينًا جدًا، ولأنه تشاجر كثيرًا جدًا مع المخرج، برغم تاريخهما السابق معًا في "الأب الروحي". كذلك أصيب النجم الرئيس مارتن شين بنوبة قلبية عطّلت العمل. هناك نجوم لم يكونوا معروفين بعد؛ منهم هاريسون فورد ولورانس فيشبورن الذي كان صبيًا في الرابعة عشرة من عمره.
ما لم يعرفه هؤلاء هو أن السيناريو غير مكتمل، ولا توجد نهاية مكتوبة له! لم يقرر كوبولا كيفية إنهاء الفيلم. وكما قيل: كنا تابعين لرجل مجنون بلا خطّة..
وفي النهاية تمّ عمل نسخة أولية عرضت في مهرجان كان عام 1979 فأثارت ذهول المشاهدين. وقد رشّح الفيلم لحشد من الجوائز نال كثيرًا منها، أهمها السعفة الذهبية في مهرجان كان، لكن بالنسبة لجوائز الأوسكار حصل على أوسكار التصوير (فيتوريو ستورارو) والصوت فقط، وبلغ من أهمية الفيلم أن مكتبة الكونجرس أمرت بحفظه؛ باعتباره أثرًا فنيًا بالغ الأهمية.
يبدأ الفيلم بمشهد لا يُنسى لأشجار النخيل في فيتنام تحلّق فوقها طائرات الهليوكوبتر الأمريكية، ثم يتحول كل هذا إلى نار، بينما يغني جيمي موريسون وفريق "الأبواب" أغنيتهم الرائعة الرهيبة "النهاية":
هذه هي النهاية.. يا صديقي الوحيد.. هي النهاية.. نهاية خططنا المحكمة.. نهاية كل شيء له قيمة... لن أرى عينيك ثانية أبدًا..
وتتداخل الصورة لنرى الكابتن ويلارد بطل الفيلم الذي أضنته حرب فيتنام عصبيًا في فندقه بسايجون، غارقًا في الخمر والهلاوس.. لدرجة أنه يرى طائرات الهليوكوبتر تحلق في غرفة نومه. يأتي رجال من المخابرات الحربية يجعلونه يفيق بالقوة، ثم يأخذونه للقيادة حيث يكلفه القائد بمهمة عسيرة.. هناك ضابط ممتاز يدعى كورتز. هذا الضابط تمرد وعبر النهر والحدود من فيتنام إلى كمبوديا، حيث كوّن جيشًا خاصًا بنفسه، وانفصل تمامًا عن الجيش الأمريكي. إنه يتحول ببطء إلى إله كمبودي لا تردّ كلمته..
مهمة ويلارد هي أن يعبر النهر مع فريق خاص ويقتل كورتز هذا..
هكذا تبدأ الرحلة الجهنمية التي لا يمكن وصفها. يكون عليه في البداية أن يسلم نفسه للملازم كيلجور قائد وحدة الفرسان التاسعة لينقلهم إلى نهر النانج. قام بالدور روبرت دوفال، وهو نموذج مذهل للأدوار الصغيرة اللذيذة التي لا يمكن نسيانها؛ فالقائد مستمتع جدًا بالحرب ويعتبرها نزهة خلوية، وهو يكتشف أن مع ويلارد بطل أمريكا في التزلج على الأمواج العالية، لذا يصمم على مهاجمة قرية فيتنامية آمنة لأن جوارها مضيقًا نهريًا عالي الأمواج، وهو يريد تحدي بطل أمريكا. ينذره رجاله بأن هذه القرية مكان شارلي، وشارلي هو الرمز الأمريكي لكل رجل مقاومة فيتنامي، لكنه يصر..
وهكذا يتم الهجوم على القرية، ونعرف أنه يحب أن يشغل موسيقى فاجنر من طائرات الهليوكوبتر أثناء القتال.. فاجنر يشعل روح القتال لدى الجنود ويخيف الفيتناميين..
تنطلق الطائرات لتقصف القرية على نغمات "الفالكيري" رائعة فاجنر.. في ثوانٍ يتحول كل شيء لجحيم ونار من أجل بطل التزلج كي يمارس رياضته.
يعتقد بعض الناس أن هذا المشهد "يدين القسوة الأمريكية"، لكن الحقيقة أنه يديننا جميعًا.. المشكلة هي أنه يضعك في مكان المنتصرين، لذا تجد الحماسة تعميك فتريد أكثر! إن كوبولا بهذا المشهد العبقري يفضح القسوة والعنف الكامنين في نفوسنا جميعًا. لسنا ملائكة كما نحب أن نعتقد.. نحن فقط لم نُمنح الفرصة لنكون أقوياء وقساة.
يتشمم كيلجور الهواء في استمتاع ويقول لبطل التزلج واحدة من أشهر العبارات في تاريخ السينما:
ـ"أحب رائحة النابالم في الصباح.. أبخرة الجازولين تلك.. إن لها رائحة الـ... لها رائحة النصر!".
تتواصل الرحلة عبر النهر.. مخاطر من كل نوع.. عروض بلاي بوي يوشك الجنود الأمريكيون المحرومون على إفسادها، عندما يثبون في الماء محاولين الظفر بالراقصات العاريات. يرتكب ويلارد ورجاله عددًا لا بأس به من المذابح ضد الفيتناميين بسبب انفلات أعصابهم..
الآن بدأ الأمر يتحوّل إلى سريالية لا يمكن وصفها.. كأن القارب يتوغل عبر دوائر جحيم دانتي. ويعبرون الحدود إلى كمبوديا كأنهم يعبرون إلى عالم آخر..
مع الوقت يتناقص عدد رجال ويلارد.. يموتون بالسهام المنطلقة من الأحراش. بينما على جانبي النهر ترى الأجساد المتعفّنة المعلقة من الأشجار.
يدخلون القرية مركز قيادة كورتز.. رجال القبائل يلبسون خليطًا من ثيابهم الأصلية وثياب الجيش الأمريكي، وهم مسلحون بخليط من الرماح والسيوف والبنادق الآلية.. هنا العنف والدم في كل مكان، والمعبد البوذي مزين بالرءوس المقطوعة.
يظهر كورتز الرهيب.. إنه عملاق أصلع الرأس متشح بالسواد يقول كلامًا شعريًا غامضًا مبهمًا، لكنه يعرف أن ويلارد جاء من أجل قتله.. يصفه بأنه (صبي بقال أرسله معلمه للقيام بمأمورية). معظم لقطات براندو قريبة من وجهه مع الثياب السود لجعله أقل بدانة مما كان.
فلسفة كورتز بسيطة جدًا.. العنف والرعب والمزيد منهما.. لا بد للمرء أن ينقب في روحه عن القسوة. الفيتكونج قساة لهذا يربحون الحرب.. ذات مرة قامت القوات الأمريكية بتطعيم أطفال قرية ضد شلل الأطفال، فجاء الفيتكونج بعدها وانتزعوا أذرع الأطفال!. علينا أن نكون مثلهم.
الربع الأخير من الفيلم يحاضر فيه كورتز أسيره عن فلسفته، ويلقي عليه مقاطع من شعر ت.س. إليوت "الرجال الجوف".. هذه القصيدة بالذات استلهمها إليوت من قصة "قلب الظلام".
في مشهد النهاية الشنيع يفرّ ويلارد من سجنه ويخرج من المستنقع وسط الأبخرة، بينما يعود جيمي موريسون للغناء.. لقد تحوّل ويلارد إلى قاتل شيطاني كالذي تمناه كورتز. يدخل على كورتز في مخدعه ليمزقه بسكين عملاقة يحملها. نرى في ذات اللحظة قيام الأهالي -ضمن عيد ديني خاص بهم- بتمزيق ثور حي إلى شرائح بشواطيرهم (مشهد بشع جدًا أثار حنق المدافعين عن الحيوان؛ لأنه حقيقي). لحظة احتضار كورتز يهمس بالكلمة التي يعتبرها وصيته للعالم:
ـ "الرعب!!".
يخرج ويلارد الذي تحوّل إلى شيطان ملوث بالدم، فيقف رجال كورتز مذهولين صامتين.. لقد ظهر كورتز الجديد. يتجه للقارب حاملاً ميراث الرعب عن جدارة.. وتظلم الشاشة.
لرعب! هذا الوحش النائم في أعماقنا والذي يخرج بسهولة بالغة... يمكن القول إن كورتز حقق فلسفته، وأن الجيش الأمريكي كله من أتباعه. وهكذا ينتهي واحد من أعظم الأفلام السينمائية.
نلتقي الحلقة القادمة إن شاء الله مع فيلم جديد من أفلام الحافظة الزرقاء.
تاريخ النشر: 09/12/2010 - 12:41:47 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/10/december/9/24115[/link] - DirectorMilos FormanStarsJack NicholsonLouise FletcherMichael BerrymanIn the Fall of 1963, a Korean War veteran and criminal pleads insanity and is admitted to a mental institution, where he rallies up the scared patients against the tyrannical nurse."أحدهم طار فوق عش الوقواق" هي الترجمة الدقيقة لعنوان هذا الفيلم الجميل، وهو عنوان مستوحى من أغنية أطفال. عرض هذا الفيلم عام 1975، وأحدث أثرا كبيرا في أعمال عدة، بحيث صار مستشفى المجانين مكانا دراميا مهما يصلح لأعمال عدة، ويمكنك أن تشم رائحة هذا الفيلم في أعمال مصرية مثل "أحلام الفتى الطائر" و"أيام الغضب"..
الفيلم من إخراج المخرج تشيكي الأصل ميلوش فورمان، الذي سنقرأ اسمه فيما بعد على أعمال عظيمة مثل "أماديوس" و"الشعر" و"الشعب ضد لاري فلينت" و"أشباح جويا".. يبدو أنه كان يتحسس خطواته الأولى في المجتمع الأمريكي في ذلك الوقت، ولم يحبّ ما رآه..
محرّك هذا الفيلم والعفريت الحقيقي الذي تفتقده في أية لحظة يغيب فيها عن الشاشة هو جاك نيكلسون. كانت هذه أول مرة يفطن فيها المشاهد المصري لهذا الممثل العبقري، وفي الحقيقة يُعتبر الفيلم مباراة أداء مذهلة بينه وبين الممثلة ليزا فلتشر، في دور رئيسة التمريض الطاغية، وقد نال كلاهما جائزة الأوسكار في ذلك العام عن جدارة.
رشح الفيلم لتسع جوائز أوسكار، وقد حصد منها خمسا هي الخمس الكبار (أفضل فيلم – أفضل إخراج – أفضل ممثل – أفضل ممثلة - أفضل سيناريو) التي لم يحصل عليها معا إلا أفلام محدودة. وقد ضمّته مكتبة الكونجرس؛ باعتباره تراثا إنسانيا مهما. القصة للأديب كين كيزي.
يدور الفيلم في مصحة عقلية لا نعرف مكانها بالضبط، لكنها على الأرجح على حدود كندا.. هناك مجموعة من المجانين الهادئين خاضعون في استسلام لسلطة الممرضة راتشيت. من ضمن المجانين سوف نعرف داني دي فيتو صغير السن جدا، وكذلك كرستوفر لويد. يمكنك منذ البداية أن تفترض أن المصحة هي المجتمع الأمريكي والممرضة راتشيت هي السلطة.
قدّم الفيلم راتشيت حسب القاعدة الأمريكية الشهيرة: كل من هو مهذب ويتكلم بلكنة بريطانية راقية، ويستعمل لفظة "مستر"، هو في الحقيقة إنسان قاسٍ متوحش.. بينما الشخص الوقح نوعا الذي يتكلم بلكنة أمريكية ويستعمل الشتائم، هو في الغالب رجل "جدع" ظريف. دور الممرضة رائع، وقد حرص المخرج على أن يصوّرها وهي لا تدرك ذلك أثناء جدلها معه أو احتدادها عليه.. لقطات ردود الأفعال الشرسة هذه استعملها في سياق الفيلم ذاته.
الحياة تمضي هادئة إلى أن يهبط من السماء رجل كارثة هو السجين ماكمورفي، الذي يتظاهر بأنه مجنون ليفلت من السجن. متهم بأنه أقام علاقة مع فتاة دون السن القانونية. مهرّج بالفطرة ومشاغب حتى النخاع، ضد السلطة بكل أشكالها، ويصعب إخضاعه.
عندما يتعرّف بمجموعة المجانين الموجودة معه يكتشف أنهم خاضعون تماما للممرضة. نعرف ويعرف وتعرف الممرضة أن الصدام قادم لا محالة. من ضمن المرضى هناك العملاق الهندي الأخرس برومدن الذي يناديه مكمورفي بالزعيم، ويصمم على تعليمه كرة السلة. وهناك بيلي الشاب المذعور العصابي الواقع تحت سلطة أمه.
يبدأ الصدام فعلا عندما يطالب بأن يُسمح لهم بمشاهدة مباريات الكرة العالمية في التليفزيون. ترفض الممرضة ذلك؛ لأنه إخلال بالقواعد.. يطالبها بعمل تصويت.. لكنه الوحيد الذي يرفع يده؛ لأنهم جميعا خائفون. ينجح في إقناع المجانين كلهم برفع أيديهم عندما يتم التصويت مرة أخرى، لكن الممرضة تقول في برود إن أوان التصويت قد مرّ.
يؤكد للمجانين إنه قادر على الفرار ويمكن أن يشاهد المباريات كلها في المدينة.. سوف يرفع المضخّة العملاقة التي ترشّ الماء ويحطم بها النافذة ويفرّ. يراهنهم على أنه قادر على ذلك.. يحاول.. يئنّ.. توشك عروق رقبته على الانفجار.. لكن المضخة ثقيلة جدا فلا يقدر على زحزحتها. في النهاية يستسلم، ويقول كلمته الشهيرة:
ـ"على الأقل قد جربت.. أليس كذلك؟".
لكن برنامج مكمورفي لتحدي السلطة لا ينتهي هنا. إنه يفرّ من المصحة مع المجانين، ليأخذهم مع فتاة يعرفها في رحلة صيد في عرض البحر. يعلّمهم صيد السمك، لكن تنتهي الرحلة نهاية كارثية.
نتيجة شغبه المستمرّ يتم أخذه هو والعملاق الهندي للعلاج بالصدمات الكهربية، وهنا يكتشف لدهشته أن الهندي يتكلم.. لقد كان يتظاهر بالخرس طلبا للأمان..
الآن وقد عاد مكمورفي يصمم هو والزعيم الهندي على الفرار.. إن الحدود الكندية قريبة، ويمكنهما المشي لها. لكنه يقرر أن يقيم حفلا أخيرا لرفاقه المجانين.. يقوم برشوة الحارس الليلي كي يسمح بدخول فتاتين مع زجاجات خمر.
ويبدأ حفل صاخب مع الموسيقى والرقص. يأخذ الفتى المتهيب الواقع تحت سلطة أمه فتاة إلى غرفة جانبية، لكن ما يحدث هو أن الجميع يغيبون عن الوعي.. يغيبون عن الوعي إلى أن تصل الممرضة راتشيت في الصباح لتكتشف أن مملكتها التي تديرها بصرامة قد تحوّلت إلى سيرك. الفوضى في كل مكان.. حتى مكمورفي نفسه غاب في النوم ونسي أن يفرّ! لكنها تعرف أنه المسئول بالتأكيد عما حدث..
هنا تكتشف الفتى بيلي وتعرف ما فعله. تخبره ببرود أنها ستخبر أمه بكل هذا.. الفتى مذعور ويتلعثم بقوة ويرجوها ألا تفعل.. لكنها مصممة..
يفرّ الفتى إلى حجرتها ويحطم كوبا ثم يذبح نفسه به. عندما يعرف مكمورفي بهذا يفقد التحكم في أعصابه، وينقضّ على الممرضة ليخنقها.. ويوشك أن ينجح لولا أن الممرضين أنقذوها منه..
الآن تعود المصحة إلى نظامها المعهود.. الممرضة تمارس سلطتها، والفارق الوحيد أنها تضع ياقة بلاستيكية. المرضى مطيعون كالعادة.. لا أحد يعرف أين يوجد مكمورفي.. البعض يقول إنه هرب، والبعض يقول إنه في غرفة خاصة..
يصمم الزعيم الهندي على البحث عن صديقه. يتسلل للطابق العلوي فيجده في الفراش، وقد تمت حلاقة رأسه بطريقة غريبة. لقد أجروا له جراحة استئصال فصّ المخ Lobotomy لتهدئته.. والنتيجة.. هو ذا قطعة لحم راقدة في الفراش بلا أية استجابة من أي نوع.. إنه حي فقط...
هنا يصل الفيلم لذروة الدراما عندما يتخذ الهندي قراره سريعا... هو يعرف فعلا ما يريده مكمورفي.. مكمورفي الذي علّمهم الحياة والتحدي لن يقبل أن يمضي حياته كنبات. يرفع الوسادة ويكتم بها أنفاسه.. إنه يقتله لكنه في الحقيقة يحرره...
تتصاعد موسيقى جاك نيتشه الرهيبة التي تذكّرك بدقات الطبول الهندية، إذ يسرع الزعيم إلى مضخة الماء.. المضخة التي لم يستطع مكمورفي أن يزحزحها من قبل. ينتزعها من مكانها ويحملها ويهوي بها على النافذة فتتحطم.. يثب منها..
يستيقظ المجانين على الضوضاء فيتصايحون مهللين..
وفي ضوء الفجر الرهيب يركض الهندي نحو الحدود الكندية.
أحدهم طار فوق عش الوقواق.. لكنه لم يكن مكمورفي.. لقد مات مكمورفي بعد ما نقل رسالة التحدي لواحد آخر......
كان هذا فيلما آخر من الحافظة الزرقاء. فإلى لقاء آخر إن شاء الله.
تاريخ النشر: 16/12/2010 - 10:52:07 am
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/10/december/16/24512[/link] - DirectorRobin HardyStarsEdward WoodwardChristopher LeeDiane CilentoA puritan police sergeant arrives in a Scottish island village in search of a missing girl, who the pagan locals claim never existed.[link]كلما قرأت عن أفلام الرعب الناجحة ذات المذاق الفريد قرأت ضمن الأسماء اسم "رجل الخيزران"، وبالطبع ما كنت لأرى هذا الفيلم لولا الصديق ميشيل حنا الذي حصل عليه عن طريق الإنترنت.
يجب أن تلاحظ أننا نتكلّم عن فيلم 1973 الذي لم يره أحد في مصر تقريبًا، ولا نتكلّم عن فيلم نيكولاس كيدج 2006 السخيف الذي عُرض مؤخرًا، ويعكس غريزة إفساد الأعمال الناجحة. لسبب ما يقرر أحدهم ألا يترك عملاً كلاسيًا جميلاً مثل: "صدام العمالقة"، أو "المهمة الإيطالية"، أو "بين الأطلال"، وشأنه، ويصمم على أن لديه رؤيا جديدة. النتيجة كارثية دائمًا.
بالفعل "رجل الخيزران" فيلم بريطاني جدًا، له مذاق خاص في كل شيء. السيناريو للأديب الكبير أنطوني شيفر الذي قدّم لنا قصتَي: Sleuth (المخبر)، و Frenzy (الجنون).. الأخيرة صارت فيلمًا شهيرًا لهتشكوك. كتب شيفر هذا السيناريو متأثرًا بشدّة بقراءة كتاب "الغصن الذهبي" لفريزر، كما قرأ كثيرًا عن الجماعات الوثنية في أوروبا، وقد استغرق الفيلم بحثًا علميًا مضنيًا كما أن دقته شديدة، وأخرج الفيلم المخرج روبين هاردي.
للفيلم جو بهيج ساحر مع عالم الكرنفالات، والصيف على الأبواب لدرجة أنك توشك على شمّ الحقول المحروثة وبراعم الزهر، دعك من الطبيعة السكوتلندية الساحرة التي لم تقترب منها الكاميرا بهذه الحساسية من قبل، ودعك من الخلفية العتيقة المليئة بالستون هنج وباقي معالم شمال بريطانيا. يصعب عليك أن تصدّق أن هذا فيلم رعب إلا متأخرًا جدًا. تفوّق الفيلم في التصوير وفي الموسيقى.. إن فيه شريط صوت جميلاً، ومجموعة ممتازة من الأغاني نذكر منها: برقة يا جوني، عمود مايو، أغنية الصفصاف..
من ناحية الأداء تفوّق وودوارد وكرستوفر لي طبعًا، لكن ظلّ أهالي القرية مجرد وجوه جميلة في الخلفيات.
المفتش الكاثوليكي شديد التديّن "هويي" -الذي قام ببطولته روبرت وودوارد- مكلّف بالتحقيق في قضية اختفاء فتاة في جزيرة اسمها "سامرإيل" قرب الساحل الأسكتلندي.
يذهب المفتش للجزيرة بالقارب، ويبدأ السؤال عن الفتاة المختفية التي ينكر الجميع أنهم عرفوها أصلاً، ولكنه لا يبتلع هذا الكلام .. يشبه الأمر مؤامرة الصمت "أومرتا" التي تمارسها عائلات المافيا.
يتاح له أن يرى طريقة حياة أهل القرية الذين لا يثقون به أصلاً، وينتابه الرعب عندما يُدرك أنهم جميعًا وثنيون يعبدون إله الشمس والبحر ويُقدِّمون القرابين.. إنه المسيحي الوحيد على ظهر هذه الجزيرة اللعينة. الأسوأ أنه يتعرّض لإغراء متواصل من ابنة صاحب الحانة، لكنه يتمسّك بتدينه بإصرار.
حاكم الجزيرة الفعلي والعقائدي هو لورد "سومرايل" -كرستوفر لي بطل أفلام دراكيولا الشهير، والذي يعتبر هذا الدور أفضل دور له- وهو ينظم كل شيء في هذا المجتمع المغلق. هنا يربط القوم بين ممارستهم للجنس بحرية صادمة وبين خصوبة الأرض.. إنها فكرة جماعات الخصوبة الدائمة في أوروبا كلها. هنا يتم تدريس كل شيء وبوضوح للأطفال في المدارس، ومهما كان الرجل وقورًا مسنًا فأغانيه فاحشة جدًا.. بالطبع لا يروق أي شيء من هذا للمفتش المتدين. إن القرية تعيش حياة بدائية غريبة، فمثلاً يتم علاج السعال الديكي عن طريق ابتلاع الطفل لضفدع حي.
إن عمود مايو الذي يرقص حوله الأطفال عادة تمارس في بقاع عدة من أوروبا، وله جذور وثنية قوية.
هكذا يُكوّن المفتش نظريته الخاصة: أهل القرية يحتجزون الفتاة المختفية وسوف يقدّمونها قربانًا لآلهتهم طلبًا لخصوبة الأرض. يُقرّر أن يتنكر في ثياب أبله، ويتسلّل للحفل كي ينقذها..
هنا تأتي مفاجأة الفيلم.. لقد اكتشف أنه هو القربان الحقيقي منذ البداية، وما كانت قصة الاختطاف هذه إلا طعمًا لاجتذابه للجزيرة. إنه غير متزوّج وقد جاء الجزيرة بكامل إرادته، ولديه نفوذ ملك إنجلترا. هذا يجعله القربان الأمثل الذي تطلبه الأرض. سوف يحرقونه مع حيوانات أخرى في هيكل عملاق من الخيزران يشبه الإنسان، وسوف يمزجون رماده بالتربة لتزداد خصوبة!
ينشد سكان الجزيرة أغنيات وثنية حقيقية تعود للقرن الرابع عشر، بينما يُردّد هو مقاطع من الإنجيل، ويدعو الله أن يتقبله شهيدًا، ويصله صوت الخنازير والبط تصرخ وهي تحترق.. لقد ارتفعت النار وهي توشك على أن تبلغه.. وهو ما يحدث فعلاً في النهاية..
إن الفيلم ببساطة يعرض الصراع بين المسيحية والوثنية، ورأيه الخاص هو أن الوثنية تنتصر في أوروبا دائمًا!
كان استقبال النقاد للفيلم جيدًا جدًا، وأطلق عليه أحدهم "فيلم المواطن كين الخاص بأفلام الرعب"، واعتبرته مجلة "توتال فيلم" سادس أعظم فيلم بريطاني في تاريخ السينما.
لكن الفيلم عانى سلسلة من سوء الحظ؛ حيث بيعت الشركة التي أنتجته إلى شركة أخرى قبل عرضه، وقامت هذه الأخيرة بتقصير طوله من ساعتين إلى 90 دقيقة.. وفقدت كثير من نسخ الفيلم، ولولا أن مخرج الفيلم كان قد أرسل نسخة شبه كاملة للمخرج الأمريكي روجر كورمان، لاستحال أن يستعيدوه. وبالاتصال بكورمان تبيّن أنه لم يضيع نسخته.. هناك لقطات كاملة من الفيلم تم العثور عليها في مرآب مهجور، ومن حين لآخر تظهر نسخ أطول منه.
الفيلم الجديد الذي قام نيكولاس كيدج ببطولته رديء جدًا بشهادة الجميع، وعجز تمامًا عن اقتناص كل ما جعل الفيلم الأصلي رائعًا، وقد اقترح أحد رواد النت أن يتم حرق كل العاملين فيه داخل رجل خيزران آخر.
تاريخ النشر: 23/12/2010 - 05:15:16 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/10/december/23/24906[/link] - DirectorWilliam FriedkinStarsEllen BurstynMax von SydowLinda BlairWhen a young girl is possessed by a mysterious entity, her mother seeks the help of two Catholic priests to save her life.في أوائل السبعينيات من القرن الماضي بدا أن السينما البريطانية سيطرت بالكامل على عرش الرعب. وراحت أفلام هامر وأميكوس بأبطالها كرستوفر لي وبيتر كوشنج ورالف بيتس تعبر المحيط بلا توقف. هنا ومن حيث لا يتوقع أحد ظهر فيلمان أمريكيان قضيا على العرش البريطاني بالضربة القاضية. لقد ظهر نوع جديد من الرعب ذي المحتوى الفني العالي والأسلوب الجديد تمامًا، تمثل في فيلمي "طارد الأرواح الشريرة" و"طفل روزماري".
كان "طارد الأرواح الشريرة" ظاهرة عندما عرض عام 1973 وقد صدم الكثيرين بكل التابوهات التي خرقها بلا تحفّظ. بعض دور السينما كانت تقدّم مع التذكرة كيسًا للقيء لدى دخول السينما. كما أن جرعة الرعب فيه عالية جدًا ولا ترحم، وما زال مرعبًا حتى اليوم، برغم أن مُشاهد العصر رأى كل شيء تقريبًا. أخرج الفيلم المخرج الأمريكي وليام فردكين الذي قدّم كذلك أفلامًا مهمة مثل "الوصلة الفرنسية" و"شروط الالتحام". والقصة للأديب الأمريكي لبناني الأصل ويليام بيتر بلاتي عن حادثة استحواذ حقيقية أو هذا ما زعمه.
بدأ الفيلم موضة جديدة في سينما الرعب هي أفلام "الطفل القذر"، التي تبدو بوضوح في فيلم "النذير".. لا تثقوا بالأطفال فهم أشر المخلوقات طرًا! كما يندرج الفيلم تحت قائمة الأفلام التي تتحدث عن قدوم الشيطان، وهي أفلام انتشرت جدًا مع بداية الألفية.. هذه الأفلام عامة دعاية خفية للكاثوليكية، حيث يظهر القساوسة الكاثوليكيين رجالاً يعرفون كل شيء.. مهما كان اللغز فإن رجل الفاتيكان يهزّ رأسه في فهم، ويبحث في المكتبة ليخرج مجلدًا عملاقًا يحكي عن هذا السر بالذات!
القصة بسيطة جدًا، والمثير فعلاً أن يتمكنوا من صنع فيلم كامل منها، لكن تحالفت عناصر الإخراج البارع والماكياج المذهل (الذي تولى أمره عميد المؤثرات الخاصة ديك سميث)، والتصوير المتوجّس الضبابي لأوين رويزمان، والموسيقى الرائعة المنوّمة قليلاً لجاك نيتشه الذي قابلناه في فيلم "أحدهم طار فوق عش الوقواق". تحالفت كل هذه العناصر لتجعل من الفيلم معزوفة كاملة، وهو من الأفلام التي لا تشعر بالراحة لو شاهدتها وحدك ليلاً.
الفيلم يلعب على مخاوف الطبقة الوسطى المعتادة.. إن ابنتنا المراهقة تتغير كأن شيطانًا مسّها.. هذا هو ما نراه في الفيلم حرفيًا وبأعنف شكل ممكن. بالتالي هو يدغدغ مشاعر الآباء الذين يؤمنون أن كل مراهقي هذا الجيل مسوخ. لكنك تظل مطمئنًا ما دام ابنك لم يصل لدرجة المشي على الجدران.
في جو موجس يبدأ الفيلم في العراق بالقسّ وعالم الآثار الأب ميرين -الذي يقوم ببطولته ممثل الرعب العجوز المخضرم ماكس فون سيدو- والذي يجد أثناء قيامه ببعض الحفريات صنمًا مرعبًا لشيطان قديم.. لاحظ أن هذا يدور في مناطق اليزيديين الذين يعبدون الشيطان هم أنفسهم.
ننتقل إلى واشنطن حيث الأسرة الأمريكية التي تتكون من الأم وابنتها المراهقة ميجان (لندا بلير) التي تتحول ببطء.. تتبوّل على السجادة في حفل بالبيت.. ترتفع عن الأرض.. يدور عنقها 180 درجة.. تقيء سائلاً أخضر مقززًا على كل شيء.. الفراش كله يهتز.. ألفاظها بذيئة جدًا وكذلك حركاتها، وتقوم بالكثير من التجديف الديني مع الصليب (استعمل المخرج ممثلة بديلة لتقوم بهذه اللقطات بدلاً من الممثلة الطفلة).
تبدأ الأم المذعورة دورة عيادات الأطباء والمستشفيات التي لا جدوى منها كالعادة. وفي النهاية يقنعها صديق للأسرة بأن تجرب طرد الأرواح الشريرة، وهو ما يعادل عبارة "عليها عفريت.. هاتوا لها شيخ" عندنا..
يقع اختيار الأم على قسّ كاثوليكي يعمل كذلك طبيبًا نفسيًا هو الأب كاراس، وما لا تعرفه هو أنه فقد إيمانه بعد ما شهد معاناة أمه العجوز مع المرض. لهذا هو لم يعد يؤمن بجدوى الدين كوسيلة لعلاج الطفلة.
يتصل كاراس بالكنيسة الأم طالبًا أن يرسلوا له طارد أرواح شريرة محترفًا، فيرسلون له الأب ميرين الذي عرفناه في أول الفيلم. يصل ليلاً وسط الضباب وإضاءة الشارع الخافتة، في مشهد لا ينسى هو الموجود على بوستر الفيلم، وبالفعل تفتح الفتاة عينيها وقد شعرت بقدوم الخطر. هنا نفهم أن ما حدث للفتاة البائسة ليس سوى طُعم لجذب الأب لتصفية الحساب الذي بدأ في العراق.
هكذا تبدأ دورة عذاب القسيسين مع العفريت الذي يسكن الفتاة، والذي يجهدهما تمامًا، مع الكثير من الإهانات والضغط النفسي على القس كاراس، إذ تتكلم الفتاة بصوت أمه وتلومه على إهمالها، وتفرغ جالونات من القيء الأخضر عليهما.. العفريت يتسلى بهما فعلاً.. وبعد ليلة مضنية من المحاولات الجاهدة يشعر الأب ميرين بأن قلبه الضعيف ينهار.
يغادر العفريت جسد الفتاة لكن بثمن باهظ جدًا، لن نذكره حتى لا نفسد الفيلم على من لم يره.. وسبب صمتي هذه المرة أن الفيلم يُعرض كثيرًا على الفضائيات، مما يجعل فرصتك سانحة لتراه..
تعرّضت لندا بلير الطفلة لشتى أنواع المصاعب أثناء تصوير الفيلم، واضطرت أن تعلّق من روافع مرارًا حتى أن ظهرها تهشّم، وكانت غرفة نوم الطفلة عبارة عن ثلاجة كي يتصاعد البخار من الأفواه أثناء الكلام. أما عن اللقطات والحوارات البذيئة مع صوت العفريت الشيطاني الغليظ فقد قامت بها ممثلة الأدوار الغريبة مرسيدس مكبريدج.
كان الفيلم صادمًا عندما عُرض، وقال كرستوفر لي ممثل أدوار دراكيولا البريطاني الوقور: "سوف يراه الجميع ليروا ما يمكن أن تفعله طفلة مراهقة من بذاءات.. لكن عن نفسي لن أرى فيلمًا كهذا ولن أراه". اختلفت الآراء لكن الجميع اتفق على أن الفيلم مرعب فعلاً، وقال ناقد أمريكي شهير إنه لا يشبه أي فيلم رعب ظهر في تاريخ السينما. رشّح الفيلم لعشر جوائز أوسكار، ففاز بجائزتي الصوت والسيناريو.
هناك أفلام كثيرة تمسّحت في هذا الفيلم، أو جاءت كتكملة له، لكن أحدها لم يبلغ القوة المؤثرة للأصل.
تاريخ النشر: 30/12/2010 - 06:04:47 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/10/december/30/25316[/link] - DirectorGeorge CukorStarsAudrey HepburnRex HarrisonStanley HollowayIn 1910s London, snobbish phonetics professor Henry Higgins agrees to a wager that he can make crude flower girl, Eliza Doolittle, presentable in high society."بجماليون" هي مسرحية شهيرة جدًا للكاتب الإيرلندي الساخر برنارد شو، ولو كنت تعرف الأساطير الإغريقية، لعرفت أن بجماليون هو النحات الذي صنع تمثالاً لفينوس، ثم وقع في حبه حتى كاد يموت من الوله. أي أن عقدة بجماليون هي عقدة أي شخص يصنع شيئًا ثم يهيم به حبًا. لاقت المسرحية نجاجًا كبيرًا مع معالجة برنارد شو العصرية.. البروفيسور هجنز -خبير التخاطب- يراهن صديقه على أن يستطيع أن يجعل أي إنسان يتكلم لغة راقية. يقع اختياره على بائعة الأزهار الفقيرة إليزا دوليتل التي تتحدث بلغة سوقية فظيعة.. يلاقي الأمرّين في تعليمها حتى ينجح فعلاً، وبالطبع يقع في حبها..
طبعًا أنت شاهدت مسرحية فؤاد المهندس وشويكار الشهيرة التي تم فيها تمصير مسرحية شو، بشكل موفّق للغاية، لدرجة أن أية أغنية في المسرحية الغربية لها ما يقابلها في مسرحيتنا.
في العام 1964 يقدّم لنا المخرج جورج كيوكور فيلم "سيدتي الجميلة" عن هذه المسرحية الشهيرة.
الفيلم اعتمد على المسرحية الغنائية التي قدّمت في برودواي قبل هذا، والتي كتب أغانيها ليرنر ولوي، وقد حقق نجاحًا مذهلاً.. إنه قطعة من الجمال، وما زال يدرّس في مدارس ومعاهد السينما في كل مكان كدرس في التذوق الفني.
كما قلنا تدور قصة الفيلم حول خبير الصوتيات المتحذلق عدو المرأة البروفيسور هجنز.. إنه يؤمن بأن هناك جريمة شنعاء تُرتكب ضد اللغة الإنجليزية يوميًا، بينما العرب -على سبيل المثال- يحافظون على لغتهم فليتنا نتعلم منهم.. لا تعليق!
نقابل كذلك الفتاة إليزا دوليتل الزهرة الرقيقة النامية وسط الأوحال، وبين عصابات الشوارع وأبيها السكير الأفّاق.. إنها تتكلم أفظع لغة إنجليزية يمكن تخيلها، وكالعادة لا تنطق حرف H أبدًا بل تحيله إلى همزة، كما أنها تنطق Today كأنها "توضاي".. وتتحدث عن قصر باكنام بدلاً من باكنجهام.
عندما تذهب الفتاة إليزا للبروفيسور تطلب منه أن يعلّمها النطق الصحيح، فإن التحدي يبدو مستحيلاً. تعرض أن تدفع له شلنًا.. إنه معتاد على تقاضي أعلى الأثمان، لكنه لم يتلقّ قط عرضًا كهذا.. أن يقدم له أحدهم كل ما يملك هذا إغراء شديد..
إن مشاهد تعليم الفتاة ذات اللسان العصيّ تمثل عذابًا حقيقيًا لها وللبروفيسور، لكنها متعة حقيقية للمشاهد. لقد صارت تكرهه بجنون، وتتمنى أن يموت فعلاً. وفي واحدة من أجمل أغاني الفيلم توجّه له السباب وتتوعده وهو لا يراها طبعًا، وتتخيل أن ملك إنجلترا سيحبها، فتكون أول رغبة تطلبها منه هي أن يقطع رأس هنري هيجنز.. سوف تندم يا هنري هيجنز بعد فوات الأوان.. فقط انتظر! تؤدي الأغنية بلكنة الكوكني الشنيعة فتنطق Wait كأنها White، وتنطق late كأنها light. أما اسمه هنري هجنز فتنطقه إنري إيجنز؛ لأنها عاجزة نهائيا عن نطق حرف الهاء.
وفي اللحظة التي يقرر البروفيسور هجنز فيها أن المهمة مستحيلة تتمكن الفتاة من نطق جملة صعبة، هي:
The rain in Spain stays mainly in the plains
المطر في إسبانيا يبقى أساسًا في الوديان.
وهي جملة مصممة لتدريبها على نطق الحروف التي تجد نطقها مستحيلاً. وهكذا تنزاح الغمة..
هنا يبدي البروفيسور رقة زائدة نحوها، مما يوقع الفتاة في غرامه.. وتقضي ليلتها غارقة في الأحلام.. الفراش! لا أستطيع أن أذهب للفراش حتى لو أعطوني جواهر التاج كلها.. شاهد نشوتها وعجزها عن النوم، بينما المربية تحاول دسّها في الفراش بالقوة هنا:
يأخذها البروفيسور لسباق صيد الخيول في أسكوت؛ لتختلط بالطبقة الراقية المتحذلقة. هنا يستعرض لنا كيوكور لوحات مذهلة للأزياء الأرستقراطية، مع تحذلق الطبقة الراقية كأننا نرى طواويس مغرورة لا بشرًا.. وجوه باردة متعالية لا تعكس أي انفعال، برغم أنهم يتحدثون عن توترهم الشديد قبل السباق.
تسحر إليزا -الجميلة الرقيقة أصلاً- المجتمع الراقي بأناقتها ولهجتها. يقع شاب ثري في غرامها، لدرجة أنه يمر كل ليلة أمام دارها مغنيًا..
تعود لبيت البروفيسور، لتجد أنه يحتفل بأنه حوّل فتاة جاهلة مثلها إلى شيء راقٍ.. المشكلة أن أحدًا لا يبالي بها على الإطلاق.. كأنها مجرد شيء، أو كأنها قرد تمكّنوا من تعليمه الكلام. هكذا تدرك أنها كانت واهمة عندما حسبت أن البروفيسور يمكن أن يحبها.. لقد صارت مسخًا لا ينتمي للطبقة الراقية، ولا يستطيع العودة لطبقته الأصلية...
تخرج من الدار عازمة على أن تصنع ثقبًا في النهر حسب تعبيرها، لتقابل ذلك الفتى العاشق يمشي في شارعها مترنمًا كالعادة، وفي لقطة من أجمل لقطات الفيلم تنفجر فيه صارخة:- "كلمات.. كلمات.. ليس لديكم سوى الكلمات.. أتلقى كلمات طيلة اليوم سواء منك أو منه.. هذا كل ما تستطيعون عمله!"
لكن البروفيسور لم يستطع أن يتخلص منها بهذه البساطة.. لقد وقع في غرامها فعلاً.. اعتاد وجهها واعتاد وجودها في حياته.. هكذا ينتهي الفيلم به وقد استعادها لتكون زوجته.
هذه نهاية سينمائية تختلف عن نهاية المسرحية.. من المعروف أن برنارد شو كان يكتب أكثر من نهاية لبعض مسرحياته، وقد قدّر هو أنها فتاة ذكية عملية ولن تفوت فرصة الزواج من الشاب الثري الوسيم الذي يهيم بها. أما البروفيسور فلا جدوى منه على الأرجح.
كانت أودري هيبورن تتمنى أن تؤدي أغاني الفيلم، لكنها صدمت عندما عرفت أن الغناء سيكون مهمة المطربة مارني نيكسون. لم يترك صوتها إلا في أغنية "فقط انتظر". أما عن ركس هاريسون فقد كان الأمر سهلاً؛ لأن معظم أغانيه عبارة عن كلام موقع، ولم يستطع قط أن يصاحب الغناء بشفتيه، لذا كل مقاطع غنائه يؤديها في نفس الوقت باستعمال أول ميكروفون بلا سلك في تاريخ السينما.
كان الفيلم كما قلنا درسًا في الإخراج الفني وتصميم الأزياء والتصوير. تألقت أودري هيبورن في دور إليزا دوليتل برغم التوقّعات التي أجمعت على أنها لن تصلح؛ فهي أرستقراطية أصلاً ولا يمكن أن تعطي انطباعًا بأنها من العامة. وكان الإجماع على أن جولي أندروز أصلح منها، خاصة وهي من لعب الدور في المسرحية.
وقد حصد الفيلم ثماني جوائز أوسكار؛ هي أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل تمثيل وأفضل تصوير وأفضل صوت وأفضل موسيقى وأفضل إخراج فني وأفضل تصميم أزياء.
أعاد الفيلم مجد الفيلم الغنائي وذكّر منتجي هوليوود بما تدرّه هذه الأفلام من مكسب، واستمرت هذه الموجة في الصعود إلى أن قضى عليها فيلم دكتور دوليتل الفاشل الذي أعاد للمنتجين توجسهم وخشيتهم من الأفلام الغنائية، وكان على الأفلام الغنائية أن تنتظر فيلم "حمى مساء السبت" في السبعينيات.
وإلى أن نقابل فيلمًا آخر من الحافظة الزرقاء،،،
تاريخ النشر: 06/01/2011 - 05:00:45 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/january/6/25694[/link] - DirectorOrson WellesStarsOrson WellesJoseph CottenDorothy ComingoreFollowing the death of publishing tycoon Charles Foster Kane, reporters scramble to uncover the meaning of his final utterance: 'Rosebud.'لدي مكتبة سينمائية ضخمة بها كتب عديدة تتكلم عن تقنيات السينما وحرفياتها، ومنذ بدأتُ القراءة في هذهالكتب كان اسم فيلم "المواطن كين" (1941) يتكرر نموذجًا للتقنيات الثورية في كل شيء تقريبًا.. يبدو أن هذا الفيلم مرجع للسينمائيين في فنون السيناريو والتصوير والقطع والمزج والمسح، والانتقال من كادر لكادر واستخدام الإضاءة، والإفراط في استعمال البؤرة العميقة... إلخ. الأغرب ما عرفته فيما بعد أن مخرج الفيلم وبطله الفنان الظاهرة أورسون ويلز كان في سنّ صغيرة جدًا عندما قدّم هذا الفيلم، ولم يكن يملك أية خبرة سينمائية لذا تظاهر بأنه يعرف، وعلّم نفسه السينما أثناء العمل! أي أن معظم هذه التقنيات من ابتكاره، ولم تكن معروفة قبل ذلك.. هذا نموذج لشخص جاء من الخارج، فلم يعرف تقاليد الوسط الذي جاء له، والتي يكررها الجميع جيلاً بعد جيل.. فكّر خارج القوقعة فلم يقلّد أحدًا، وصار كل ما قدّمه جديدًا وذا أهمية مرجعية في تاريخ السينما.
في أوائل الثمانينيات عرض الفيلم "المواطن كين" في برنامج نادي السينما في التليفزيون أيام مجده، فعرفت على الفور أنه عالم خاص جدًا. ومن حين لآخر تصدر إحدى المجلات أو الهيئات حصرًا لأفضل 200 أو 250 فيلمًا في التاريخ.. هناك فرصة لا بأس بها أن يكون هو رقم واحد في كثير من هذه القوائم، حاليًا هو رقم 37 ضمن 250 فيلمًا في موقع IMDB. الناقد الأمريكي روجر إيبرت كتب بصراحة: الأمر منتهٍ.. المواطن كين هو أعظم فيلم في تاريخ السينما! كما أن ويلز ينال غالبًا لقب أفضل مخرج في التاريخ في استفتاءات معاهد السينما.
صار العالم كله يعرف اسم أورسون ويلز عام 1938 عن طريق المذياع، ومعظمكم يعرف قصة تمثيلية حرب العوالم الشهيرة.. التمثيلية الإذاعية التي أخرجها ويلز، والتي بدأ تقديمها في الولايات المتحدة، وابتكر طريقة عجيبة لأول حلقة منها: الإرسال ينقطع لتغطية هبوط طبق طائر في مزرعة.. صوت المراسل المذعور يصف لنا الأحداث، ثم ينفتح الطبق الطائر ونسمع مؤثرات دقيقة جدًا، ويبدأ غزو فضائي.. كل هذا بدأ كتغطية إعلامية على الهواء، مما أحدث ذعرًا في أمريكا كلها، وامتلأت الطرقات بالفارين من بيوتهم والسيارات.. لقد انفلت الوضع تمامًا، واضطر المذياع إلى أن يعلن مرارًا أن كل هذا تمثيل..
هكذا اتصلت هوليوود شركة RKO الباحثة عن الأسماء اللامعة بويلز الذي لا يفقه شيئًا في السينما، لكنه لم يخبرهم بهذا طبعًا. لقد نال وضعًا قلّما يحلم به شاب آخر هو أن بوسعه أن يفعل ما يريد كما يريد. فكّر أولاً في قصة "قلب الظلام" لكونراد، ثم قرر أن يعمل على سيناريو أعدّ خصيصًا للسينما، وكتبه بنفسه مع السيناريست هيرمان مانكفيتش، والأخير كاتب سيناريو عبقري لكنه سكير مما أدى لتحطيم مستقبله. استطاع ويلز بخياله القوي البكر أن يحفر اسمه بقوة في تاريخ السينما، لكن مشاكله وصراعاته مع الاستوديوهات في الأفلام التالية كلّفته الكثير من قوّته، ولم يستطع قط أن يقدّم عملاً له قوة المواطن كين حتى توفي عام 1985، وإن عرف العالم ملامحه القوية له أصل تتري ومواهبه العديدة كمدير مسرح وساحر ومخرج وممثل ممتاز ومذيع له صوت مميّز.
عندما قدّم ويلز فيلم المواطن كين، كان كل واحد يعرف أنه يتحدث عن عملاق الصحافة الأمريكي وليم راندولف هيرست، لكن لم يقل هذا بشكل رسمي طبعًا، وتظاهر الجميع بأنهم لا يفهمون.
للمرة الأولى تتخذ قصة الفيلم شكل تحقيق صحفي.. ومع اكتمال كل جزء من أجزاء التحقيق نعرف جانبًا آخر من حياة المواطن كين..
إن المواطن كين هو أحد أعمدة الاقتصاد الأمريكي، وإمبراطور الصحافة.. الرجل الذي يملك كل شيء، وبنى لنفسه مملكة خاصة اسمها زانادو فيها كل شيء حتى الأفيال والنمور! مات كين وحيدًا.. وكانت آخر كلمة قالها هي برعم الوردة rosebud.. فيما بعد لاحظت مجلة إمباير خطأ في هذا المشهد؛ لأن أحدًا لم يكن جواره على الإطلاق عندما لفظ هذا الاسم في الفيلم!
مشهد الوفاة يعجّ بالظلال والغموض، كما ينطق بتلك الحقيقة القاسية المثيرة للشفقة: مهما بلغ ثراؤنا ونفوذنا فنحن نموت وحيدين... تصوير جريج تولاند الأبيض والأسود جعل المشهد أقرب للكوابيس:
الآن تجمع الصحف مخبريها، وتكلّفهم بالبحث في كل مكان وتحت كل حجر لمعرفة ما هو برعم الوردة هذا؟ هل هو اسم تدليل لعشيقة لا يعرفها أحد؟ هل هي مملكة جديدة؟
هكذا تدور التحقيقات طيلة الفيلم.. يقابل الصحفيون كل من تعامل كين، ومع الوقت نعرف جوانب مهمة من شخصيته وتاريخ صعوده...
مثلاً في جولة في ملفات المحاسب الخاص به يعرف الصحفي الكثير عن طفولة الرجل.. لقاء زوجته يخبرنا بحياته العاطفية.. يقابل الصحفي خادمه ومدير أعماله.. هنا نعرف القصة من عدة رواة، بعضهم ضعفت ذاكرته وبعضهم غير موثوق به، كما نعرف جزءًا كبيرًا من نشرات الأخبار السينمائية.. هذه طريقة لم تكن معروفة قط في ذلك الوقت. هناك أساليب لا حصر لها مثل مرور الزمن بسرعة على علاقة كين وزوجته التي تبدأ بالسعادة وتنتهي بالخلافات.. نحو خمسة عشر عامًا تمر أثناء الجلوس إلى مائدة الإفطار، فقط يكبر الاثنان وتتبدل ثيابهما والمحادثة مستمرة..
هكذا تتكون لدينا ببطء الصورة الكاملة.. طفولته الفقيرة التعسة.. حياته وصعوده في عالم الصحافة وشراء جريدة انكوايرر. خيانته لزوجته مع مطربة أوبرا.. ثم افتضاح هذه العلاقة وزواجه من عشيقته.. ثم كيف حاول أن يصنع منها نجمة أوبرا وفشل.. ثم عاملها بلا مبالاة وقسوة لدرجة أنها حاولت الانتحار..
الفيلم يرسم لنا ببراعة شخصية متسلطة متشككة تحاول السيطرة على كل شيء، وتنتهي حياتها بعزلة كريهة فعلاً.
في النهاية يعلن الصحفي يأسه من معرفة كنه برعم الوردة ويرحل..
لكن الفيلم يحتفظ لنا بتفسير بسيط أخير.. نرى زحافة ثلج صغيرة مهملة يتم حرقها، وقد كتب عليها برعم الوردة. الزحافة التي كان يلعب بها في طفولته وتخلّصت منها أمه. لقد صار مليارديرًا وامتلك أمريكا كلها تقريبًا، لكنه ظل يشعر بعدم اكتمال؛ لأنه لم ينل الشيء الذي كان يحبه حقًا في طفولته.. طفولته عندما كان سعيدًا بلا شروط. وهذا نوع من تكرار تعبيرنا الشعبي: "اللي ما شبعش على طبلية أبوه مش هيشبع أبدًا".
عرف هيرست -ملك الصحافة الأمريكية- أن الفيلم يتكلم عنه، وقاد حربًا إعلامية عنيفة ضده، كما منع نشر أي خبر عنه في أية جريدة يملكها.. طبعًا كان يملك كل الجرائد تقريبًا.. وعرض مبالغ ضخمة على الشركة مقابل تدمير الفيلم دون عرضه. هكذا لاقى الفيلم حربًا حقيقية استمرت لعدة عقود.
عرفنا أن الفيلم كان ثورة فنية، لكنه لم يحقق نجاحًا تجاريًا يُذكر، وهذا جعل هوليوود أكثر تحفظًا مع ويلز بعد ذلك.. لم يعد هو الملك المتحكم في كل شيء، بل صار من حق الشركة أن تراقب المونتاج وتعدّل النهايات... إلخ. وقد ظهر هذا في فيلمه التالي آل أمبرسون العظماء، الذي لم يعد هو فيلمه على الإطلاق من كثرة التدخّل.
تميز الفيلم كما قلنا بابتكارات تقنية لا حصر لها، كما تميز بالبؤرة العميقة في التصوير، بحيث يظهر ما هو قريب وما هو بعيد عن الكاميرا بذات الوضوح. أحيانًا اقتضى هذا تعريض نفس الفيلم مرتين مرة للخلفية ومرة للمقدمة. باختصار كان كين طفلاً مزعجًا مصرّا على عمل كل شيء بطريقة متعبة غير التي استكان لها السينمائيون.
هذا فيلم آخر من الحافظة الزرقاء...
تاريخ النشر: 12/01/2011 - 04:41:09 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/january/12/26010[/link] - DirectorSidney LumetStarsAl PacinoJohn CazalePenelope AllenThree amateur bank robbers plan to hold up a bank. A nice simple robbery: Walk in, take the money, and run. Unfortunately, the supposedly uncomplicated heist suddenly becomes a bizarre nightmare as everything that could go wrong does.أتيكا.. أتيكا!!
قد ينسى الناس تفاصيل هذا الفيلم، لكن مشهد آل باتشينو وهو يصرخ في الجماهير "أتيكا.. أتيكا" محفور في الأذهان.. هذا هو المشهد الأيقوني الخاص في الفيلم، كمشهد هجوم الهليوكوبتر في "سفر الرؤية الآن"، وقطيع الأغنام في "العصور الحديثة"، ومباراة الكرة بلا كرة في "تكبير"، ولقاء محطة القطار في "رجل وامرأة"، ويدي أبي سويلم تتشبثان بالتراب في "الأرض".
اعتدنا أن نقرأ الترجمة لاسم هذا الفيلم "كلب بعد الظهر"، وهي ترجمة غريبة طبعًا.. الترجمة الأصوب هي "بعد ظهر يوم حار". "أيام الكلاب" في الإنجليزية هي أيام الصيف الأكثر حرًّا ورطوبة. هناك متلازمة نفسية يعرفها أطباء النفس اسمها "متلازمة ستوكهولم"، وتحدث عندما يقوم بعض الخاطفين بالسيطرة على مكان ما.. عندما يُدرك الرهائن أن المعتدين مهذّبون يُعاملونهم جيّدًا، فإنهم يُحبّونهم ويدافعون عنهم. هذه التيمة النفسية عُولجت في أعمال مصرية كثيرة؛ مثل: "الإرهاب والكباب"، و"نهر الخوف". عكس ذلك أن يقع الخاطفون في حُب الرهائن، ويطلق على هذا اسم "متلازمة ليما".
في هذا الفيلم الجميل نرى خليطًا إنسانيًّا جميلاً مِن ليما وستوكهولم.
قليلة هي الأفلام التي تعج بالمشاعر الإنسانية والدفء والسخرية، برغم أنها تعالج موضوعًا عنيفًا مثل سرقة مصرف، لهذا تميّز هذا الفيلم بشكل واضح، خاصة مع الأداء العبقري لوجه شاب وسيم جديد على الشاشة اسمه آل باتشينو، ومجموعة مذهلة مِن الممثلين قامت بأداء أدوار موظفات المصرف ورجال الشرطة والجمهور... إلخ.. مع تحريك متقن لكل التفاصيل يقوم به مخرج يعرفه الجميع هو سيدني لوميت الذي حفظ الناس اسمه بعد فيلم "اثنا عشر رجلاً غاضبًا" الذي سنقابله الأسبوع القادم إن شاء الله.
كان الناس قد عرفوا آل باتشينو مِن فيلم "الأب الروحي" قبل هذا، وعرفوا أنه بارع، لكنه كان محاطًا بوحوش تمثيل مِن عيّنة: مارلون براندو، وروبرت دوفال، وجيمس كان، لكن هذا الفيلم أعطاه الفرصة الكاملة ليُخرج كل ما لديه. أداء رائع يتأرجح بين الارتباك والعصبية والجنون والرقة، وهو على حافة الانهيار العصبي النهائي.. في النهاية نحن نعرف يقينًا أنه لا يستطيع أن يقتل دجاجة.. وفي مشهد ذكي نراه نائمًا، بينما واحدة مِن الرهائن تتسلّى ببندقيته الآلية؛ لتتعلَّم كيف تُؤدّي التحية كما في الجيش.
يظهر في الفيلم كذلك جون كازال، وهو ممثّل آخر مِن أصل إيطالي ظهر في فيلم "الأب الروحي" في دور الأخ طيب القلب ضعيف الشخصية؛ أي أن الفيلم يضمّ اثنين مِن أبناء الأب الروحي.
الفيلم الذي عُرِض عام 1975 ينتمي لنوعية الأفلام التي يطلقون عليها "عملية سطو فاشلة" (Heist Gone wrong). ومن أشهر أفلام هذه النوعية "كلاب المستودع". هناك عملية سطو يقوم بها ذلك الشاب عديم الخبرة "سوني" وصاحبه "سال". عملية السطو هذه قد حدث مثلها في الواقع منذ عامين في بروكلين، والفيلم يعتمد على مقال عن الحادث كتبه ب. ف. كلوج ومور.
المصرف يعجّ بالموظفات المذعورات، ورئيسهن المسن، والحارس الأسود المصاب بالربو. يكتشف سوني أنه نحس أكثر مما توقّع؛ فالمصرف خالٍ من المال.. كل ما نجح فيه هو أن كل شرطة الولاية تحاصر المصرف. لقد تحوّل الموقف بسرعة البرق إلى "موقف رهائن" من الذي يراه في التليفزيون.
بالواقع يتحوّل الموقف إلى سيرك؛ فالناس كلها تحاصر المصرف، وقوات السوات المخيفة مستعدّة لقتل أية ذبابة تحوم.. قنّاصة فوق الأسطح وطائرات هليوكوبتر في كل مكان. التليفزيون ووسائل الإعلام كلها هنا.. مدير الشرطة يُحاول التفاهم معهم، ويزجر رجاله الذين يتوقّون لإطلاق الرصاص في أية لحظة.
يخرج سوني للتفاوض تحت حماية صديقه بداخل المصرف، وهو يُعلن منذ البداية أنه لا يثق في رجال الشرطة.. سوف يدوخونهما إلى أن يطلقوا الرصاص عليهما في مجزرة شبيهة بمجزرة سجن أتيكا، التي حصد فيها رجال الشرطة الأمريكية الجميع بمن فيهم الرهائن.. ويصرخ أمام الكاميرات والجماهير: أتيكا.. أتيكا! فيُصفّق الناس.. لقد تحوّل إلى نجم إعلامي..
عندما يطلب بيتزا للرهائن -في مشهد يُذكّرك جدًا بفيلم "الإرهاب والكباب"- فإن صبي البيتزا يُقدّم له الوجبة، ويتمنّى لهما التوفيق، فما إن يجد الصبي نفسه وحده حتى يلقي بالكاسكت أرضًا، ويرقص صارخًا: أنا ممثّل مذهل!
هكذا تتقدّم خطوط السرد بين علاقة الشابين بموظفات المصرف، اللاتي يتعاطفن معهما كلية، ومدير المصرف المريض بالسكري الذي يأبى بشدّة أن يُغادر المصرف للعلاج ويترك البنات وحدهن. تفاصيل صغيرة جدًا مثل حاجة البنات لدخول دورة المياه مما يُشكّل كارثة بالنسبة لسوني الذي تلفت أعصابه أصلاً. ومفاوضات سوني للحصول على طائرة هليوكوبتر تحملهما خارج البلاد، والجنون الذي يحكم المجتمع الأمريكي بالكامل، والدافع العجيب لعملية السطو هذه (وهذا جزء لن أستطيع الكلام عنه هنا).
إن باتشينو يرتب أن تأخذهما الطائرة لبلد بعيد.. ربما الجزائر.. يسأل زميله في السطو عن بلد أجنبي يرغب في أن يعيش فيه، فيردّ:- "وايومنج!".
فهو لا يعرف أن وايومنج في أمريكا..
في النهاية يُوافق رجال الشرطة على أن تنقلهما سيارة مع الرهائن إلى المطار..
هنا يجب أن أتوقّف وأترك لك أن ترى ما حدث بعدها.. لكن النهاية قاسية وأليمة فعلاً.
الفيلم ممتع ويبقى معك لفترة طويلة، وقد رُشّح لعدد كبير مِن جوائز الأوسكار، لكنه لم يحصل إلا على أوسكار أفضل سيناريو أصلي.
كما قلنا يُمكنك بسهولة أن تشمّ رائحة هذا الفيلم في أعمال تالية عديدة، ولدينا فيلم "نهر الخوف" الذي يوشك أن يكون نسخة أخرى منه، وإن صار المصرف أتوبيسًا نهريًا، كما أنه قريب جدًا مِن فيلم "الإرهاب والكباب". أما أهم ما قام به الفيلم فهو أنه حدّد المكانة الراسخة لممثّل شاب واسع العينين حاد النظرات مِن أصل إيطالي اسمه آل باتشينو.
تاريخ النشر: 20/01/2011 - 03:30:21 pm
عنوان المقالة:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/january/20/26434[/link] - DirectorSidney LumetStarsHenry FondaLee J. CobbMartin BalsamThe jury in a New York City murder trial is frustrated by a single member whose skeptical caution forces them to more carefully consider the evidence before jumping to a hasty verdict.هناك نسختان من هذا الفيلم الرائع: نسخة عام 1957 ونسخة عام 1997. لم أر النسخة الأخيرة وإن كنت أميل إلى أنها جيدة بدورها؛ لأن مخرجها هو ويليام فريدكين صاحب (طارد الأرواح الشريرة)، وهو لن يضع اسمه على أي عمل غير متقن.
النسخة الأولى رأيتها في برنامج نادي السينما منذ أعوام طويلة، وقد انبهرت بقدرة المخرج على أن يصنع فيلما شائقا مثيرا، بينما هو حبيس مكان واحد خانق حار. فيما بعد رأيت فيلما يدور في ذات الجو الخانق هو "يرث الرياح" أو "ميراث الرياح" لستانلي كرامر، الذي يدور في قاعة محاكمة في الجنوب الأمريكي في يوم رطب شديد القيظ. كلا العملين الرائعين أخذ عن مسرحية.. لكن براعة المخرج تجعلك تنسى هذا تماما.
مسرحية "12 رجلا غاضبا" مسرحية تليفزيونية كتبها ريجنالد روز، ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين، وقد تلقّيت مؤخرا دعوة لحضور عرض مسرحي لها في المنصورة من إعداد صديقي أحمد صبري غباشي، لكن لم أتمكّن من الحضور، واكتفيت بأن اقترحت عليه أن يقدّم مسرحية "يرث الرياح" كذلك.
كما قلنا في الأسبوع الماضي، أخرج الفيلم سيدني لوميت الذي قابلناه مع فيلم "بعد ظهر يوم حار".
لبطل الحقيقي للفيلم هو الحوار، وهو طاقم الممثلين الممتاز وعلى قمتهم هنري فوندا. إن الفيلم مباراة أداء رائعة بين أسماء عالية الاحترافية؛ مثل هنري فوندا ومارتين بالسام ولي جي كوب وجاك كلوجمان. الطريف أن الاثني عشر رجلا غاضبا ماتوا جميعا في عالم الواقع باستثناء كلوجمان.
لا تعتمد مصر في المحاكمات على نظام المحلّفين، لكنه النظام المطبّق في الولايات المتحدة. هنا يتم اختيار 12 مواطنا حسن السمعة (بموافقة الادّعاء والدفاع معا) ويكون على هؤلاء المحلّفين أن ينعزلوا تماما عن قراءة الصحف وسماع الأخبار حتى لا يتأثر قرارهم. فقط يتابعون المحاكمة، وفي النهاية يجتمعون ليصلوا لقرار واحد.. هل المتهم مذنب أم لا.. لو اتضح أن المتهم مذنب يكون على القاضي اختيار العقوبة.
هذا بالضبط هو الموقف الذي يدور حوله الفيلم.. المحلفون مجتمعون في غرفتهم يحاولون الوصول لقرار.. هل الفتى المتهم قد قتل أباه أم لا؟ سوف ينتج عن هذا القرار حكم بالإعدام. ونحن لا نعرف أسماء المحلفين ولا اسم الفتى المتهم طيلة الفيلم، فقط نعرف اسمين في نهاية الفيلم؛ فالموقف أكثر عمومية من التقيد بأسماء.
المشكلة هنا هي أنه لا يوجد إجماع.. أحد عشر صوتا يدين الفتى بينما هنري فوندا -المحلّف رقم 8- يصر على أنه بريء.. إنه يشك في شهادة الشهود الذين قالوا إن المدية المستعملة في الجريمة نادرة الطراز، ويرى الكثير من النقاط المبهمة في الشهادات.
عاد التصويت مع انسحاب هنري فوندا منه، فيتبين أن محلفا آخر انضمّ لرأيه.
هكذا تهتزّ الأرض نوعا تحت أقدام المحلفين الواثقين من قرارهم.. محلف ثالث بدأ يرى أن المتهم غير مذنب..
هناك جدل حول امرأة من الشهود تبدو علامات النظارة على أنفها، وبرغم هذا لم تكن تضع النظارة وقت الحادث.. فكيف رأت ما حدث بوضوح؟
إننا نعرف أكثر فأكثر شخصيات الجالسين.. منهم من يصرّ بعناد وغرور على رأيه، ومنهم من يلين؛ لأنه يتعاطف مع الفتى لأسباب شخصية، أو لأنه نشأ في الأزقة مثله. ومع الوقت يتزايد عدد من يرون أن الفتى غير مذنب. اللعبة هنا هي كيف يتم هذا، وكيف يتناقص عدد من يرون أن الفتى مذنب. مع الوقت يدرك الجالسون أنهم يأخذون الأمر بخفّة أكثر من اللازم مع أنه يتعلق بحياة شاب.. شاب لم يرتكب الجريمة على الأرجح.
مع الوقت لا يبقى سوى 3 ممن يصرّون على رأيهم. وندرك أن هناك أسبابا تتعلق بشخصية ونفسية كل منهم، مثلا من خاض منهم صراعا مع ابنه يحمل حقدا خفيا نحو الفتى المتهم بقتل أبيه؛ لأنه يرى نفسه في صورة هذا الأب. نحن نعرف أن الزوجة التي أساء زوجها معاملتها مثلا يسهل أن تدين أي زوج قتل زوجته، أو تبرئ أية زوجة فعلت العكس.
يزداد عدد المؤيدين لبراءة الفتى، وفي النهاية تنقلب الصورة تماما ويخرج القرار: الفتى ليس مذنبا.
تبدو الحبكة بسيطة.. لكن اللعبة الحقيقية الصعبة هي الطريقة التي تتغير بها الآراء، والصراع الذهني المستمر.. وإن كنت شخصيا أرى بعض التعسف أو الافتعال في بعض المواقف.. الناس لا تغير آراءها بهذه السهولة في الواقع..
أنتج الفيلم هنري فوندا نفسه، وهي تجربته الوحيدة مع الإنتاج السينمائي على كل حال. المصوّر كاوفمان استخدم تقنيات متقدمة وعدسات خاصة؛ ليوحي بالجو المغلق الخانق والعرق على الوجوه. سبقت التصوير بروفات مرهقة وطويلة جدا في ذات المكان، لهذا لم يستغرق التصوير نفسه وقتا طويلا.
يظهر الفيلم دائما في أية قائمة لأفضل الأفلام في التاريخ. وهو الأفضل في قائمة أفلام قاعة المحاكمة. لم يحقق الفيلم نجاحا تجاريا وإن فاز بانبهار النقاد.. كما أن عرضه في نفس العام مع "جسر على نهر كواي" تحفة ديفيد لين أدى إلى حرمانه من جوائز أوسكار كان يستحقها بشدة. وكان عليه أن ينتظر طويلا حتى يدرك الجمهور أي فيلم رائع هو.
كان هذا فيلما آخر من أفلام الحافظة الزرقاء،،،
تاريخ النشر: 27/01/2011 - 01:46:30 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/january/27/26804[/link] - DirectorSydney PollackStarsJane FondaMichael SarrazinSusannah YorkThe lives of a disparate group of contestants intertwine in an inhumanely grueling dance marathon.هناك نسختان من هذا الفيلم الرائع: نسخة عام 1957 ونسخة عام 1997. لم أر النسخة الأخيرة وإن كنت أميل إلى أنها جيدة بدورها؛ لأن مخرجها هو ويليام فريدكين صاحب (طارد الأرواح الشريرة)، وهو لن يضع اسمه على أي عمل غير متقن.
النسخة الأولى رأيتها في برنامج نادي السينما منذ أعوام طويلة، وقد انبهرت بقدرة المخرج على أن يصنع فيلما شائقا مثيرا، بينما هو حبيس مكان واحد خانق حار. فيما بعد رأيت فيلما يدور في ذات الجو الخانق هو "يرث الرياح" أو "ميراث الرياح" لستانلي كرامر، الذي يدور في قاعة محاكمة في الجنوب الأمريكي في يوم رطب شديد القيظ. كلا العملين الرائعين أخذ عن مسرحية.. لكن براعة المخرج تجعلك تنسى هذا تماما.
مسرحية "12 رجلا غاضبا" مسرحية تليفزيونية كتبها ريجنالد روز، ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين، وقد تلقّيت مؤخرا دعوة لحضور عرض مسرحي لها في المنصورة من إعداد صديقي أحمد صبري غباشي، لكن لم أتمكّن من الحضور، واكتفيت بأن اقترحت عليه أن يقدّم مسرحية "يرث الرياح" كذلك.
كما قلنا في الأسبوع الماضي، أخرج الفيلم سيدني لوميت الذي قابلناه مع فيلم "بعد ظهر يوم حار".
لبطل الحقيقي للفيلم هو الحوار، وهو طاقم الممثلين الممتاز وعلى قمتهم هنري فوندا. إن الفيلم مباراة أداء رائعة بين أسماء عالية الاحترافية؛ مثل هنري فوندا ومارتين بالسام ولي جي كوب وجاك كلوجمان. الطريف أن الاثني عشر رجلا غاضبا ماتوا جميعا في عالم الواقع باستثناء كلوجمان.
لا تعتمد مصر في المحاكمات على نظام المحلّفين، لكنه النظام المطبّق في الولايات المتحدة. هنا يتم اختيار 12 مواطنا حسن السمعة (بموافقة الادّعاء والدفاع معا) ويكون على هؤلاء المحلّفين أن ينعزلوا تماما عن قراءة الصحف وسماع الأخبار حتى لا يتأثر قرارهم. فقط يتابعون المحاكمة، وفي النهاية يجتمعون ليصلوا لقرار واحد.. هل المتهم مذنب أم لا.. لو اتضح أن المتهم مذنب يكون على القاضي اختيار العقوبة.
هذا بالضبط هو الموقف الذي يدور حوله الفيلم.. المحلفون مجتمعون في غرفتهم يحاولون الوصول لقرار.. هل الفتى المتهم قد قتل أباه أم لا؟ سوف ينتج عن هذا القرار حكم بالإعدام. ونحن لا نعرف أسماء المحلفين ولا اسم الفتى المتهم طيلة الفيلم، فقط نعرف اسمين في نهاية الفيلم؛ فالموقف أكثر عمومية من التقيد بأسماء.
المشكلة هنا هي أنه لا يوجد إجماع.. أحد عشر صوتا يدين الفتى بينما هنري فوندا -المحلّف رقم 8- يصر على أنه بريء.. إنه يشك في شهادة الشهود الذين قالوا إن المدية المستعملة في الجريمة نادرة الطراز، ويرى الكثير من النقاط المبهمة في الشهادات.
بطل الفيلم المفلس مايكل سارازين، الذي يحلم بأن يعمل في مجال السينما، يسمع عن مسابقة كبرى للرقص في لوس أنجلوس.. قاعة فاخرة اسمها "لا مونيكا". ستكون رفيقته في الرقص الفتاة "جين فوندا".
جائزة المسابقة 1500 دولار، وهو مبلغ مروّع بالنسبة لهؤلاء المفلسين.. فقط عليك أن ترقص بلا توقف وتصمد.. من سيظلّ على قدميه حتى النهاية هو الفائز.
نتعرف مجموعة الراقصين.. منهم الممثل الكوميدي المسن "رد باتونز"، والحسناء سوزانا يورك، التي تحلم بأن تصير ممثلة إغراء.. هناك كذلك عامل زراعي بسيط وزوجته الحامل.. كلهم دفعتهم الفاقة إلى أن يصيروا فقرة لتسلية الأثرياء.
تبدأ مسابقة الرقص، ويتم استبعاد الراقصين الأضعف بسرعة..
ليس الموضوع موضوع رقص فحسب.. هناك مسابقات هرولة عبر حلبة الرقص وتجري تصفيات لمن يتقاعس أثناء السباق.. الخلاصة أن هذه دوامة من الألم تبدو بلا نهاية..
هكذا يُصاب البحار بنوبة قلبية تقتله؛ لكن زميلته تجرّه جراً وهو يحتضر؛ لتعبر به خط النهاية. وتستمر مسيرة العذاب ويتزايد استمتاع الأثرياء.
الآن الاقتراح الجديد هو أن يتزوج الرجل والمرأة أثناء الماراثون. ترفض جين فوندا هذا العرض المهين، وهنا يضطر منظّم السباق إلى أن يصارحها بأن الموضوع كله خدعة.. لقد تكلف الماراثون الكثير، لهذا سوف يتم خصم النفقات من الجائزة.. معنى هذا أن ما سيبقى للفائز صفر تقريباً.
إنها الهزيمة.. كل هذا الصراع بلا جدوى.. هكذا تنسحب جين فوندا من السباق مع رفيقها..
تجلس معه في غرفة خالية بينما صخب المسابقة في الخارج. إنها لا تريد أن تعيش.. تخرج مسدساً وتصارحه بأنها لا تجسر على إطلاق الرصاص على رأسها..
يسألها عن سبب رغبتها في الانتحار، فتقول في وَهَن:
ـ"إنهم يقتلون الجياد؟ أليس كذلك؟"
لقد راهنت بكل حياتها على هذا السباق؛ فلما أدركت أنه خدعة عرفت أنها حصان خاسر.. لم يعد أمامها سوى الموت..
يتناول مايكل المسدس ويصوبه على رأسها.. تنطلق الرصاصة فتسقط بالسرعة البطيئة مع ذات اللقطات التي كنا نراها في بداية الفيلم ولا نفهمها.. وهذه هي الكلمات التي يفسر بها للشرطة سبب قتله لها..
ينتهي الفيلم دون أن نعرف أبداً من الذي فاز في النهاية.. لا يهم من فاز فالجميع خاسرون..
كان من المخطط للفيلم أن يكون من إنتاج تشارلي شابلن، ونورمان لويد. وهو مشروع قديم أجهض عدة مرات.. وعادت الفكرة للظهور في أواخر الستينات. طلب المخرج بولاك من جين فوندا أن تلعب دور البطلة؛ لكنها لم تحب الفكرة كثيراً، إلا أن زوجها المخرج روجيه فاديم رأى أن القصة فيها أبعاد وجودية لا بأس بها، وأصرّ أن تقوم بالدور.
في الحقيقة تُذكر جين فوندا دوماً بهذا الفيلم، كما تُذكر بفيلم "بارباريلا".
لاقى الفيلم نجاحاً نقدياً وجماهيرياً، كما أنه الفيلم الوحيد في التاريخ الذي رُشّح لأوسكار في كل القوائم؛ ما عدا قائمة أحسن فيلم، وقد فاز بأوسكار أفضل ممثل مساعد.
كان هذا فيلماً آخر من الحافظة الزرقاء..
تاريخ النشر: 24/02/2011 - 04:24:44 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/january/27/26804[/link] - 19641h 35mPG8.4 (519K)97MetascoreDirectorStanley KubrickStarsPeter SellersGeorge C. ScottSterling HaydenAn unhinged American general orders a bombing attack on the Soviet Union, triggering a path to nuclear holocaust that a war room full of politicians and generals frantically tries to stop.بعد عرض هذا الفيلم والنجاح الساحق الذي حققه عام 1969، انتشرت في مصر موضة أنهم يفعلون كذا في عناوين الأفلام والمسرحيات؛ لذا رأينا "إنهم يقتلون الحمير" و"إنهم يسرقون عمري"... إلخ. وقد لاحظت أنني لا شعورياً أطلقت عنواناً شبيهاً على مقال كتبته أيام الثورة "إنهم يأكلون الكنتاكي".. هناك نحو عشرين عملاً غربياً استوحى طريقة التسمية ذاتها.
أما عن القصة ذاتها فقد استخدمها خيري بشارة بتصرّف شديد في فيلم "قشر البندق"؛ حيث استبدل بمسابقة الرقص مسابقة للأكل.
أخرج الفيلمَ مخرج أمريكي مهم هو "سيدني بولاك"، الذي اشتهر بأفلام "الخروج من إفريقيا" و"توتسي" و"الشركة". السيناريو كتبه جيمس بو عن قصة لهوراس ماكوي بنفس الاسم.
هناك أفلام كثيرة جداً تتناول فترة الركود الاقتصادي الأمريكي في ثلاثينيات القرن الماضي، وهي الكارثة التي أدت بأُسَر كثيرة إلى البطالة والجوع. فيلم اليوم يدور في هذا الوقت الكئيب.
موضوع الفيلم مرح جداً.. مسابقة رقص؛ لكن عندما تقام المسابقة في ألعن وقت ممكن، وعندما يكون المتسابقون مجموعة من الجياع المفترض منهم أن يسلّوا السادة الأثرياء المتخمين وهم يلتهمون العشاء؛ فإن مسابقة الرقص تتحول إلى كابوس.. أبداً لن تكره الرقص كما سوف تكرهه بعد رؤية هذا الفيلم..
منذ بداية الفيلم والتترات نرى لقطات من طفولة البطل، فنفهم معنى العنوان الغريب.. حصان منهك يتم إطلاق الرصاص عليه.. تتكرر هذه اللقطة مراراً، وكذلك سنرى لقطة قصيرة تتكرر لمصرع "جين فوندا" على سبيل الفلاش فورورد الذي يطلعنا على لمحة من المستقبل.
صدر أوامره لقاذفات قنابل من طراز ب-52.. يحاول مساعده أن يوقف الهجوم، لكنه لا يستطيع معرفة الشفرة التي تتلقاها الطائرات، فتعرف أن العملية أجهضت.
لقد بدأ العد.. الطائرة سوف تقصف الاتحاد السوفييتي فعلاً.
تصل الأخبار السوداء للرئيس الأمريكي -الذي يلعب بطولته بيتر سيلرز أيضا- ويحاول أن يرسل قوات تنتزع الشفرة من الجنرال المجنون جاك ريبر، لكن الجنرال أصدر أوامره للقوات أن تطلق الرصاص على أي شخص يحاول الاقتراب. وبالفعل ينتحر عندما يشعر أن الدائرة تضيق حوله مما يزيد تعقيد الأمور، فالطائرة صارت كرصاصة خرجت من المسدس ولا يمكن استعادتها.
يضطر الرئيس الأمريكي إلى طلب السفير السوفييتي لإخباره بالكارثة المتجهة نحو الاتحاد السوفييتي، ويعطيه بعض المعلومات عن الطائرة عساهم يستطيعون إسقاطها. برغم هذا يغريه بعض القواد بأن ينتهز الفرصة ويرسل طائرات أكثر لمحو الاتحاد السوفييتي من على الخارطة قبل أن يجد فرصة الرد. هنا يطمئنه السفير السوفييتي أن لديهم برنامجًا أوتوماتيكيًا يمحو كل أثر للحياة على الأرض لو تعرض الاتحاد السوفييتي لهجوم نووي. الظريف أنه برغم حرج الموقف فإن السفير السوفييتي لا يفوت الفرصة ويبدو أنه يتجسس بلا توقف على غرفة العمليات الأمريكية أثناء تواجده فيها.
الآن جاء دور استدعاء دكتور سترينجلاف ليشرح للرئيس معنى عملية يوم القيامة.. دكتور سترينجلاف هو بيتر سيلرز كالعادة.. خبير سلاح نازي سابق مقعد، ويخاطب الرئيس الأمريكي بلقب الفوهرر من حين لآخر.. أداء عبقري لا يمكن نسيانه فعلاً.. إنه مريض سادي قاس بلا رحمة، ويرتجف نشوة وشوقًا كلما تخيّل الجحيم النووي القادم. أضف لهذا أن يده اليمنى متوحشة ولها إرادة خاصة بها. مزج سيلرز في هذا الدور عددًا هائلاً من علماء الذرة ومنهم عالم الصواريخ النازي فون براوننج.
يتوالى مسلسل سوء الحظ، فبرغم الوصول إلى الشفرة وإبلاغ الطائرات، فإن طائرة واحدة تظل متجهة لهدفها؛ لأن جهاز استقبالها قد أصيب بقذيفة سوفييتية.
يستعد طاقم الطائرة لقذف القنبلة، ومنهم الميجور كينج كونج الذي يحاول فتح أبواب سقوط الطائرة المعطلة.. هنا تنفتح الأبواب فجأة فيسقط مع القنبلة. تكون استجابته أمريكية جدًا هي أن يمتطي القنبلة ويلوح بقبعته كما في مباريات الروديو. ففي النهاية كل الأمريكان رعاة بقر لا أكثر!
بيض الشاشة علامة على الانفجار. يعلن السفير السوفييتي أن الحياة على الأرض ستنتهي خلال ستة أشهر؛ لأن آليات يوم القيامة سوف تبدأ.
يشعر سترينجلاف بنشوة جبارة، ويرتجف وهو يطلب من الرئيس أن يختار أفضل عينات من الأمريكيين.. أجمل النساء وأقوى الرجال، ويخفيهم في المناجم لمدة مائة عام إلى أن يزول الإشعاع.. هؤلاء هم الذين سيصيرون البذرة الجديدة لأمريكا. فجأة يستعيد قدرته على المشي كأن كل هذه النشوة عالجته من الشلل.. وهنا نرى مرحًا لا نهاية له في نعيم المحرقة النووية.. انفجارات وسحابة عشّ الغراب في كل مكان، مع أغنية رقيقة تقول "سوف نلتقي ثانية"..
نتهي الفيلم الساخر، بعدما علمنا ألا نخاف الجحيم الهيدروجيني.. سوف تحترق البشرية كلها لكنها ستعود يومًا ما!
حقق الفيلم نجاحًا ساحقًا.. خاصة مع الأداء المذهل لبيتر سيلرز في ثلاثة أدوار. كانت هذه هي فكرة شركة كولومبيا التي شعرت بأنه هو سبب نجاح الفيلم السابق "لوليتا". كان من المفترض أن يؤدي كذلك دور الطيار كنج كونج لكنه خشي ألا يستطيع تقليد لكنة أهالي تكساس بشكل موفّق. يتصدر الفيلم معظم قوائم أفضل فيلم، وتعتبره مجلة توتال فيلم رقم 23 في أعظم أفلام التاريخ، كما اختير كرابع أعظم فيلم كوميدي، واحتفظت به مكتبة الكونجرس باعتباره عالي القيمة الثقافية.
إن فيلم دكتور سترينجلاف هو فيلم مهم من أفلام الحافظة الزرقاء.
تاريخ النشر: 03/03/2011 - 01:41:40 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/february/24/27902[/link] - DirectorSergio LeoneStarsClint EastwoodEli WallachLee Van CleefA bounty hunting scam joins two men in an uneasy alliance against a third in a race to find a fortune in gold buried in a remote cemetery.من جديد نلتقي مع ستانلي كوبريك المخرج العظيم الذي يُعتبر واحدًا من أعمدة السينما. إن أفلام كوبريك معدودة جدًا، لكن كل فيلم منها يصلح للتدريس ويحمل رؤيا قوية متفردة. عرفنا أنه تمرّد على هوليوود، فذهب إلى إنجلترا ليقدّم الأفلام التي يريدها بشروطه الخاصة وبأجهزته وطاقم العمل الذي يريده، وهو أكثر مخرج موسوس مولع بالدقة في التاريخ لدرجة أنه كان يعيد تصوير بعض المشاهد في أفلامه 180 مرة! عندما تذكر اسم كوبريك سوف تذكر على الفور أسماء مثل "2001".. "لوليتا".. "سبارتاكوس".. "عينان مغلقتان باتساع". "البرتقالة الآلية".. "خزانة مليئة بالطلقات".. "دكتور سترانجلاف".. "تألق"..
إن كوبريك مولع فعلاً بالكوميديا السوداء، ومن الحقائق الغريبة عن فيلم اليوم أنه كان يتخذ الشكل الواقعي أولاً، ثم رأى كوبريك أن صيغة الكوميديا أقوى تعبيرًا وتأثيرًا، فقد راقت له فكرة التدمير المتبادل.
حن في أوائل الستينيات في ذروة الحرب الباردة بين العالم الحر كما يحلو لأمريكا أن تطلق على نفسها والعالم الاشتراكي كما يحلو للسوفييت أن يطلقوا على أنفسهم. مرارًا يلوح الخطر النووي في الأفق، خاصة مع أزمة الصواريخ الكوبية وعملية خليج الخنازير. كان كل إنسان يصحو من نومه متسائلاً إن كان هذا هو اليوم الأخير؟ كوبريك قرر أن هذا هو اليوم الأخير فعلاً وقدمه في هذا الفيلم الجميل. العنوان الساخر "كيف تعلمت أن أكفّ عن القلق وأحبّ القنبلة الذرية" يذكّرنا بالكتب التي كانت شائعة في ذلك الزمن كيف تصنع الأصدقاء وتؤثر في الناس... إلخ. وهو يضفي نوعًا من التحضر على موضوع شنيع بطبعه.
راقت رواية "الإنذار الأحمر" لبيتر جورج لكوبريك وقرر أن يقدمها في فيلم سينمائي. استعان مصمم المناظر -وهو متخصص في أفلام جيمس بوند- بخياله وبعض الصور النادرة ليصمم الطائرة من الداخل وغرفة العمليات.. إلخ؛ لأن البنتاجون رفض التعاون بأي شكل، ومن الغريب أن النتيجة كانت دقيقة لدرجة أن بعض الأمريكيين اعتقدوا أنه يتعاون مع شبكة تجسس!
تبدأ القصة بالجنرال الأمريكي المجنون جاك ريبر -يلعب دوره سترلنج هايدن- الذي يقرّر أن يشنّ حربًا نووية على الاتحاد السوفييتي. يؤمن الرجل بأن هناك مؤامرة شيوعية على العالم تهدف لتسميم سوائلنا الحيوية.
بالطبع لابد أن تنتهي هذه الزمالة بالخلاف فالانفصال.. ويصمم اللص توكو على أن ينتقم من زميله السابق الأشقر. ذلك الانتقام الذي يفضي بالرجلين إلى الصحراء.. تحت الشمس الحارقة، ومع الظمأ الشديد يوشك الأشقر على الموت فعلاً..
هنا يكتشفان عربة بها جنود محتضرون أو موتى.. يعرف توكو من جندي مُحتضر أن الذهب المسروق مدفون في مقبرة اسمها (ساد هيل). وكان الجندي ظمآنًا يريد الماء، لذا يقرر توكو أن يكون إنسانًا برغم أنفه وينطلق ليجلب له ماءً وهو مغتاظ.. ثم يعود ليكتشف الكارثة؛ لقد مات الجندي، لكن بعد ما أفضى باسم القبر إلى الأشقر!
هكذا تولد العقدة اللذيذة للفيلم: اسم المقبرة مع توكو.. اسم القبر مع الأشقر.. كلا الرجلين لا يعرف ما يعرفه الآخر.. كلا الرجلين لا يستطيع قتل الآخر ولا تركه! علاقة معقدة جدًا وظريفة..
إن إيلي والاش (القبيح) ممثل غير عادي، كما أن جاذبية كلينت ايستوود معروفة. هناك مواقف ساخرة عديدة.. مثلاً عندما يقابل الرجلان فريقًا من الجنود ذوي البذلات الرمادية، فيصيح توكو منافقًا:
ـ"تقدموا أيها الأبطال الجنوبيون.. إن الله يكره الشماليين!"
هنا يقول له كلينت ايستوود:
ـ"إن الله يكره الحمقى كذلك!"
والسبب هو أن الجنود ينفضون الغبار عن ثيابهم فيتضح أنها زرقاء، وأنهم شماليون!.. وهكذا يُقبض على الرجلين باعتبارهما من عملاء الجنوب ويودعان في السجن.
وفي السجن يكتشف الشرس (إينجل آيز) أن الرجلين يعرفان مكان الذهب الذي يبحث عنه منذ بداية الفيلم. وهكذا يعرض على الأشقر أن يخرجه من السجن ويقتسما الذهب.. وفي الوقت ذاته يفرّ توكو من القطار الذي كان ينقله إلى مكان الإعدام. ويتجه بدوره إلى المقبرة.
مشهد ساخر آخر وشهير جدًا، فقد كان هناك جسر استراتيجي مهم يسد الطريق إلى المقبرة، وهناك جيشان من الشماليين والجنوبيين يحرسان الجسر.. هكذا يقرر توكو تدمير الجسر حتى لا يجد هؤلاء المخابيل ما يحرسونه. هذا مشهد ضخم جدًا وتكلف تنفيذه الكثير وكاد يقتل عددًا من العاملين في الفيلم. الحقيقة أن سيرجيو ليوني متهم دومًا بقلة اكتراثه بحياة الممثلين معه، حتى إن إيلي والاش كاد يُقتل عدة مرات أثناء التصوير.
وبالفعل يرحل الجيشان، ويصير على اللصوص الثلاثة أن يجدوا القبر.. ويكتب الأشقر اسم صاحب القبر على حجر ويلقي به في الهواء، ثم يدعو الاثنين الآخريْن إلى مبارزة بالمسدسات من أجل اسم صاحب القبر.
هكذا يلعب المونتاج لعبة بارعة جدًا إذ يتبادل الثلاثة النظرات وكل واحد يخشى أن يبدأ، والعرق يبلل الجِباه، بينما تتعالى موسيقا أنيو موريكوني لتجعل الانتظار جحيمًا.. لقد طلب منه المخرج مقطوعة توحي بأن الجثث تضحك في قبورها. هذا المشهد علامة مميزة لإخراج سيرجيو ليوني..
تنتهي المواجهة بمقتل إينجل آيز (الشرس).. ويجد توكو نفسه مكلفًا بحفر القبر تحت تهديد السلاح ليخرج الذهب.. ثم يربط الأشقر يديه خلف ظهره، ويعلقه على حبل مشنقة يتدلى من غصن شجرة، ويتركه وحده في الصحراء، وبجواره نصيبه من الذهب..
تمر لحظات نتصور فيها أن توكو انتهى أمره، لكن الأشقر يظهر من جديد قادمًا من الأفق.. وفي مشهد يذكرنا ببداية الفيلم يطلق رصاصة، فيقطع حبل المشنقة ويتحرر توكو، ثم يبتعد الأشقر في الأفق من جديد.
لا يمكن القول إنه دلـّله أو عامله برفق، لكنه على الأقل ترك له حياته ونصيبه من الذهب. ويصرخ توكو في غضب ناعتًا الأشقر بسبة بذيئة، لكننا لا نسمعها لأن الصرخة الشهيرة الشبيهة بصياح الكويوتي، المميزة للحن تتعالى فتخرس صوته..
برغم أن الحوار في الفيلم شحيح جدًا، فأنت تدرك على الفور موهبة الممثلين العظيمة، وقد تميز بالذات إيلي والاش في دور القبيح، وكان المخرج قد أعجب بأدائه في فيلم "كيف صنع الغرب". إنه مضحك ومهرج بطبعه، لكنه كذلك خطير جدًا. ويقال إن هذه صفات سيرجيو ليوني (المخرج) نفسه، لهذا كان هذا الدور قريبًا جدًا إلى قلبه.
كان ليوني قد قرأ كثيرًا عن الحرب الأهلية الأمريكية، واندهش جدًا لغباء الناس.. فهذه حرب بين أخ وأخيه بلا أي مبرر أو نفع. كل هذه الحيوات تضيع بلا مبرر، ولهذا خطر له أن يستغل هذه الحرب السخيفة كخلفية لفيلمه.
وبما أن هذا هو الفيلم الثالث في ثلاثية الدولارات، فقد تضايق كلينت ايستوود جدًا لأنه كان وحده في الفيلم الأول.. ومع نجم ثانٍ في الفيلم الثاني.. الآن صار مع ثلاثة.. وبدا له أنه لو قدم فيلمًا رابعًا لشاركه الجيش الأمريكي البطولة! والحقيقة أن ايستوود لم يعمل مع ليوني قط بعد ذلك، وإن كان المخرج الملتحي قد وضعه على طريق النجومية للأبد.
الفيلم ما زال يحتل مكانة مهمة في تاريخ السينما، وقد اختاره المخرج تارانتينو كأفضل فيلم على الإطلاق، بينما احتل الموضع الرابع مرارًا في قائمة أفضل الأفلام في قاعدة معلومات الأفلام، وهو ثابت بين أول خمسة أفلام في قائمة مجلة إمباير لأعظم أفلام في التاريخ.
تاريخ النشر: 10/03/2011 - 03:22:47 pm
باقي المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/march/3/28276[/link] - DirectorClaude LelouchStarsAnouk AiméeJean-Louis TrintignantPierre BarouhA widow and a widower find their relationship developing into love, but their past tragedies prove hard to overcome, causing them to proceed with utmost delicacy.يعتبر هذا الفيلم جزءًا من ثقافة كل إنسان مهتم بالفنون، فحتى لو لم تكن شاهدتَه فلا شك أنك سمعت اللحن العبقري الذي كتبه الموسيقار الإيطالي إنيو موريكوني. كما أن هذا الفيلم جعل الناس تعرف مصطلح "وسترن سباجيتي"، وجعل من كلينت ايستوود نجمًا بعد ما كان ممثلاً متوسط المستوى يمكن نسيانه بسهولة.
فيلم رعاة بقر (Western) يتم تصويره في إسبانيا بالكامل، ويخرجه مخرج إيطالي لا يفقه حرفًا من اللغة الإنجليزية!.. هذه ليست مزحة.. بل هي أفلام الوسترن سباجيتي.. الموضة التي ابتكرها المخرج العبقري الإيطالي سيرجيو ليوني.
هذه الأفلام تحمل عناوين شهيرة مثل "الطيب والشرس والقبيح" و"حفنة من الدولارات"، و"من أجل مزيد من الدولارات"، و"ذات مرة في الغرب"..
القاعدة العامة في هذه الأفلام هي أنها تدور في مكان قريب جدًا من الحدود المكسيكية، وهذا عالم مليء بالرعاع والأوغاد القذرين.. الأبطال أنفسهم لا يختلفون عن الأشرار كثيرًا. الحوار شحيح جدًا.. الموسيقى صاخبة ومستمرة، وتبدو كأنها أحد الأبطال. واللقطات قريبة تستمتع جدًا باستعراض الوجوه المغبرة الشرسة غير الحليقة..
فيلم "الطيب والشرس والقبيح" أنتج عام 1966، وقام ببطولته ثلاثيٌّ يتكون من: "كلينت ايستوود" (الطيب) و"لي فان كليف" (الشرس) و"إيلي والاش" (القبيح). ويعتبر الفيلم الثالث في ثلاثية الدولارات الشهيرة.
يدور الفيلم على خلفية من الحرب الأهلية الأمريكية، حيث يعلمنا درسه الخاص: أن تكون البلاد في حرب أهلية؛ لا يمنع من أن تكون لصًا وتجمع ثروتك الخاصة!
إننا نرى أبطال الفيلم الثلاثة: اللص الحقير توكو (القبيح) الذي يفر من صائدي الجوائز الذين يريدون رأسه، ونقابل إينجل آيز (الشرس) الذي يقتل عددًا من الناس في محاولة للعثور على خيط يقوده لشحنة مسروقة من الذهب.
ثم يظهر الطيب (بمقاييس الفيلم)؛ كلينت ايستوود، الغامض الذي يضع عباءة مكسيكية على كتفيه ولا يفارق السيجار أسنانه على طريقة "لاكي لوك"، وبالمناسبة لا نعرف اسمه أبدًا، وحتى في التترات اسمه "الرجل الذي لا اسم له"، لكن أبطال الفيلم يسمونه الأشقر (Blondey).
وبما أنه بارع في الرماية وسريع كالبرق، فإنه ينقذ اللص توكو من صائدي الجوائز ويحرره.. فقط كي يسلمه هو بنفسه للسلطاتن ويأخذ مبلغ الجائزة. وقبل إعدام توكو ينقذه ويفرّ معه.. هكذا يتوصل الرجلان إلى طريقة ممتازة لكسب الرزق.. في كل بلدة يقوم الأشقر بتسليم اللص للسلطات ويحصل على الجائزة، ثم يظهر لحظة إعدامه لينقذه ويفرّ به إلى بلدة أخرى!
كل شيء في هذا الفيلم فرنسي بالطبع! لكنك تدرك كذلك أن الإيقاع فرنسي. إيقاع هادئ متمهل.. تقريبًا لا يحدث شيء.. يمكن تلخيص القصة في: أرمل وسيم يحب أرملة حسناء في شتاء فرنسي مرهف.
دورك ليس متابعة قصة، بل متابعة مشاعر وتجربة.. لا أحد يتابع قصة الزهرة أو يحاول فهمها.. إنه فقط يشمها!
يقول مشاهد أمريكي ذكي إن هذا الفيلم هو المحاولة لخلق زواج بين التصوير والموسيقى.. محاولة أولى لصنع MTV له روح..
كتب الفيلم وصنع كل تفاصيله كلود ليلوش.. وقام بالتصوير بنفسه، وتصوير الفيلم واستعماله للألوان ملفت للنظر فعلاً. إن الفيلم كالحرباء يتبدل بين الألوان الكاملة المبهجة، إلى اللون البرتقالي عند توهج العاطفة، إلى الأبيض والأسود البارديْن..
إنها القصة الخالدة.. رجل وامرأة يلتقيان في مدرسة أولادهما الداخلية في دوفيل.. كل منهما أرمل..
الرجل هو (جان لوي ترنتيان).. سائق سيارات سباق.
المرأة هي (إنوك إيميه).. كائن رقيق شديد الشفافية، تعمل مراجعة سيناريو.. (كانت إنوك إيميه في ذلك الوقت ظاهرة، ويعتبرها كثيرون أجمل امرأة في العالم)..
زوجته انتحرت بعد حادث سيارة مروع حدث له في أحد السباقات..
زوجها دوبلير مات في حادث أثناء تصوير أحد الأفلام.. لقد علمها زوجها الكثير من الأشياء في حياتها، كما أنه سافر للبرازيل وعاد منها وهو لا يتكلم إلا عن أغاني السامبا، لمدة أسبوع قامت برحلة للبرازيل دون أن تبرح مكانها.. وكما وصف نفسه فإنه (أكثر الفرنسيين برازيلية على الإطلاق).
تبدأ العلاقة عندما يوصلها بسيارته العتيقة المتداعية إلى باريس بعد ما فاتها القطار. وتتكرر الرحلة عدة مرات، مع عدد لا حصر له من الفلاش باك.. مع الوقت نعرف كل شيء عن الاثنين من خلال مشاهد الماضي.. وتتوطد العلاقة بينهما ببطء، وإن كانت هي أبطأ في الوقوع في الحب؛ لأن ذكرى زوجها المفعم بالحيوية لا تفارقها.
زايد عاطفة الحب، وهي اللحظة التي تقرر فيها المرأة أن تنهيها لأنها تشعر بأنها تخون ذكرى زوجها.
تعود إلى باريس بالقطار، وهنا يكتشف جان لوي أنه لا يستطيع الحياة من دونها، فيهرع بسيارته يسابق القطار نحو المحطة.. لا ينام ليلته لأنه يواصل القيادة بلا توقف. وهنا المشهد الأيقوني الذي اشتهر به الفيلم.. عندما تنزل من القطار لتجده أمامها على المحطة فترتمي بين ذراعيه، وتدور الكاميرا حولهما مرة.. مرتين.. خمس مرات.. ثم تبْيَضُّ الشاشة ويثبت الكادر، كناية عن أن العالم كله لم تعد له أهمية.. إنهما معًا.. ويبدو أنها تقبل منه هذه التضحية، وتقرر أن تكون له إلى الأبد..
كان الفيلم تجربة غريبة لكل مشاهدي السينما في العالم، خاصة مع عقدة النقص التي يسببها الفن الفرنسي لدى الغربيين.
نال "رجل وامرأة" كثيرًا جدًا من الجوائز؛ منها جائزة مهرجان كان الكبرى، وأوسكار أفضل فيلم أجنبي، وأفضل سيناريو كُتب للشاشة خصيصًا. الموسيقى التصويرية فازت بعدة جوائز، لكنها لم تحصل على الأوسكار.
سبّب الفيلم -كما قلنا- حُمى حقيقية لدى صناع السينما في كل مكان، وإن كنت لا تشعر اليوم بهذا الانبهار فتذكر أن شيئًا من ذلك لم يكن موجودًا قبل هذا الفيلم. لقد ابتكر الفيلم لغة جديدة صارت من البدهيات بعد ذلك..
هذا فيلم آخر مهم من أفلام الحافظة الزرقاء.
تاريخ النشر: 17/03/2011 - 01:17:00 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/march/10/28752[/link] - DirectorAlfred HitchcockStarsJames StewartGrace KellyWendell CoreyA wheelchair-bound photographer spies on his neighbors from his Greenwich Village courtyard apartment window and, despite the skepticism of his fashion-model girlfriend, becomes convinced one of them has committed murder.حتى لو لم تكن قد رأيت الفيلم الأصلي، فمن المؤكد أنك رأيت النسخة الحديثة منه، المنتَجة عام 2007، والتي كانت باسم Disturbia.
الفيلم الحديث من بطولة شيا لابوف، وهو فيلم ممتع متقن الصنع، لكن لا أحد يمكن أن يتفوق على هتشكوك أبدًا.
هذا الفيلم أوضحُ نموذج لطريقة هتشكوك وأستاذيته في خلق جو التشويق، كما أنه يحمل بقوةٍ بصماته: البراعة في الإخراج في مكان ضيق بطبعه.. إقحام المشاهد في الحدث.. البطلة الشقراء الأنيقة الثرية التي يعشق هتشكوك أن يضعها في الخطر كهواية خاصة لديه.. لا دماء ولا مشاهد قتل تقريبًا.. إن هتشكوك الذي تعج أفلامه بالجرائم قد قدم أقل قدر من الدماء بين المخرجين جميعًا!
في هذا الفيلم نتحول إلى متلصصين، ثم ندفع ثمن هذا التلصص كاملاً!
قدم هتشكوك الفيلم عام 1954 ومن السهل أن تراه في التليفزيون لأنه يُعرض كثيرًا جدًا. القصة كتبها جون مايكل هايز، عن قصة قصيرة لكاتب آخر اسمها "لابد أنها جريمة قتل".
يدور الفيلم حول مصور فوتوغرافي هو جيمس ستيوارت، الذي يكسر قدمه ويضطر إلى أن يقضي الوقت الممل في غرفته.. فلا يجد تسلية سوى الجلوس خلف النافذة ومراقبة الجيران..
في فيلم Disturbia يضطر البطل إلى ملازمة البيت لأن الشرطة ترغمه على ذلك، عن طريق قيد إلكتروني يحيط بقدمه.
إنه الصيف وكل الجيران يفتحون نوافذهم، هكذا يستطيع المصور -عن طريق البقاء في الظلام- أن يرى كل ما يحدث في بيوت الآخرين.. يساعده على ذلك أنه يمتلك عدسة زووم قوية جدًا تقرب له الأشياء.
يتعرف على مجموعة الجيران التقليدية.. مشاجرات الأزواج.. الكلب الصغير اللطيف الذي تنزله صاحبته كل صباح ليلعب قليلاً.. ثم التاجر المتجول غريب الأطوار الذي يعيش مع زوجته المقعدة.
تردد على المصور في محبسه خطيبته الرقيقة (جريس كيلي) -عندما كانت ممثلة قبل أن تصير أميرة موناكو- كما تسليه قليلاً مدبرة البيت العجوز الثرثارة، لكنه يوشك على الجنون من فرط الملل طبعًا.
تبدأ الشكوك لدى المصور عندما يلاحظ الجولات الليلية المتكررة للتاجر الذي يحمل حقيبة كبيرة يخرج بها في كل مرة. يلاحظ كذلك أن زوجته اختفت.. وأنه ينظف مجموعة من السكاكين الضخمة.
يحكي ظنونه لخطيبته ولصديقه مفتش الشرطة، لكن صديقه لا يجد ما يريب في هذه القصة.
لا يبقى الحي سعيدًا للأبد.. إن الجيران يكتشفون جثة الكلب اللطيف في الحديقة.. تصرخ صاحبة الكلب فيبرز كل الجيران من نوافذهم ما عدا ذلك التاجر الغامض.. لكن السيجار الذي يدخنه يتوهج في ظلام غرفته بما يعني أنه الوحيد الذي يعرف ما حدث للكلب.
نظرية المصور تتكون ببطء.. التاجر قتل زوجته، ومزق جثتها، ودفنها على أجزاء في الحديقة. الكلب الصغير عرف أكثر مما ينبغي وهو ينبش في أحواض الزهور، من ثم كان يجب أن يموت.
بما أنه عاجز عن الحركة؛ فإنه يكلف خطيبته بأن تقوم من أجله بمهمة خطرة.. تضع تحت باب التاجر مذكرة تتهمه فيها بقتل زوجته، وعليه أن يراقب رد فعل الرجل عندما يرى المذكرة.. هكذا يعتصر هتشكوك كل توتر المشاهدين وخوفهم وهم يرون التاجر الفظ يقترب من باب الشقة، بينما الفتاة الرقيقة توشك على وضع المذكرة من الناحية الأخرى.. هذا هو أسلوب هتشكوك المميز إذ يجعل المشاهدين يصرخون: انتبهي!.. لا تفعلي!..
تنجو الفتاة بمعجزة.. وهنا ينتقل المصور إلى الخطوة التالية..
تقوم الفتاة ومدبرة المنزل بتفتيش أحواض الزهور بحثًا عما وجده الكلب. لضمان ألا يلاحظ التاجر شيئًا يتصل به المصور ويتظاهر بأنه يريد ابتزازه، ويحدد له موعدًا للقاء في بار. تنتهز الفتاة فرصة رحيل التاجر لتتسلل إلى شقته، لكنه يعود في وقت غير مناسب ويقبض عليها..
تصل المصور بالشرطة لينقذوا الفتاة قبل أن يفتك بها التاجر، وبالفعل تنجو بمعجزة ما، لكن ليس قبل أن يلاحظ التاجر أنها تعطي إشارات خفية من وراء ظهرها وتلوح بخاتم الزوجة الذي وجدته.. هناك من يتصل بها.. يرفع عينيه فيرى المصور هناك في شقته يراقب كل شيء خلف النافذة.. لقد فهم !
هكذا تذهب الفتاة مع الشرطة بتهمة التسلل لشقة ليست شقتها، وتذهب مدبرة البيت لتدفع لها الكفالة. هكذا يجد المصور نفسه وحيدًا في البيت.. وطبعًا لا يستطيع الحركة لأنه حبيس المقعد المتحرك.. في هذه اللحظة يقتحم التاجر القاتل الشقة وقد عرف من أين يأتي التهديد..
لقد جاء الانتقام من المصور بسبب تلصصه. والمثير أننا نشعر بأن هذا عقابنا أيضًا.. إن عملية مشاهدة الأفلام في حد ذاتها جزء من عملية التلصص على ما يحدث للآخرين.. شاشة السينما هي نافذتنا الخلفية التي نرى من خلالها كل شيء، لكنها تجعلنا في خطر داهم.
هنا أتركك لتكمل الفيلم بنفسك فهذا هو مشهد الذروة..
كما قلنا كان الفيلم درسًا في بناء التشويق والتوتر، وكل هذا بأناقة وبأقل قدر من الدماء. كل ديكور المنطقة السكنية تم بناؤه خصيصًا، وكان لذلك من أضخم الديكورات التي قامت شركة Paramount ببنائها، كما أنه استعمل إضاءة عالية جدًا ليوحي بالشمس الساطعة.
لاقى الفيلم آراءً إيجابية متحمسة من الجمهور والنقاد معًا، بحيث صار من العسير أن تجد من يكرهه أو يعتبره مملاً. يحتل الفيلم المركز رقم 48 في قائمة أفضل الأفلام في تاريخ السينما، حسب معهد السينما الأمريكي، والبعض يعتبره أروع أفلام هتشكوك على الإطلاق، وقد قام المخرج العالمي فرانسوا تريفو بعمل دراسة مدققة عنه في مجلة كراسات السينما.
إن هذا الفيلم مشوق حقًا، ولو كنت لم تره فإن متعة هائلة تنتظرك..
كان هذا فيلمًا آخر من أفلام الحافظة الزرقاء.
تاريخ النشر: 24/03/2011 - 03:21:02 pm
باقي المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/march/24/29811[/link] - DirectorSteven SpielbergStarsDennis WeaverJacqueline ScottEddie FirestoneA business commuter is pursued and terrorized by the malevolent driver of a massive tractor-trailer.حتى لو لم تكن قد رأيت الفيلم الأصلي، فمن المؤكد أنك رأيت النسخة الحديثة منه، المنتَجة عام 2007، والتي كانت باسم Disturbia.
الفيلم الحديث من بطولة شيا لابوف، وهو فيلم ممتع متقن الصنع، لكن لا أحد يمكن أن يتفوق على هتشكوك أبدًا.
هذا الفيلم أوضحُ نموذج لطريقة هتشكوك وأستاذيته في خلق جو التشويق، كما أنه يحمل بقوةٍ بصماته: البراعة في الإخراج في مكان ضيق بطبعه.. إقحام المشاهد في الحدث.. البطلة الشقراء الأنيقة الثرية التي يعشق هتشكوك أن يضعها في الخطر كهواية خاصة لديه.. لا دماء ولا مشاهد قتل تقريبًا.. إن هتشكوك الذي تعج أفلامه بالجرائم قد قدم أقل قدر من الدماء بين المخرجين جميعًا!
قصة الفيلم -وقد نُشرت كقصة قصيرة في مجلة "بلاي بوي"- بسيطة جدًّا: رجل وحيد يركب سيارة صغيرة، يُفاجَأ بشاحنة عملاقة تريد الفتك به.. الفيلم كله هو محاولته للفرار، والأجمل أننا لا نعرف التفسير أبدًا!
إن بطل الفيلم دنيس ويفر تاجر جوّال يقود سيارة صغيرة الحجم في طريق معزول من تلك الطرق الأمريكية الخالدة في أفلام الرعب.
يُقابل الشاحنة وهو يشقّ طريقه في صحراء كاليفورنيا.. إنها بطيئة جدًّا تسدّ الطريق تقريبًا وتلوّث الجو. عندما يتجاوزها تجد السير لتسبقه ثانية، ثم تسدّ الطريق من جديد.
سمات الشاحنة غير مريحة؛ فنحن لا نرى سائقها أبدًا.. إنها قبيحة، أما صوت أداة التنبيه فيها فيُذكّرك بزئير ديناصور مما قبل التاريخ.
يتوقّف السائق الصغير في محطة بنزين ليُجري مكالمة مع زوجته.. كأي زوج أمريكي يبدو أن العلاقات مع امرأته ليست على ما يرام.
عودة للطريق من جديد.. الآن بدأ دنيس يُدرك أن هدف الشاحنة هو قتله غالبًا.. يُسرع في طريقه ويتجاوزها.. هنا يُفاجأ بأنها تلاحقه من الخلف بسرعة جهنمية، وهو ما يضطره إلى أن يسرع حتى لا تصدمه. إن الطريق جبلي وعر، وفرصة السقوط في الهاوية عالية جدًّا.. بصعوبة ينجو من الشاحنة عند مطعم صحراوي.. يلوذ به بينما تواصل هي طريقها..
حتى هذه اللحظة ما زلنا نفترض أنها دعابة قاسية من سائق شاحنة دخن بعض الحشيش، لكنها انتهت على كل حال. يدخل دنيس الحمام ليفرغ مثانته وهو يرتجف.. يعود لقاعة الطعام.. هنا يزول أي شك لديه في كون هذا سائقًا عاديًا، عندما يجد أن الشاحنة واقفة خارج المطعم تنتظره!
مَن هو؟ لا بد أن السائق هنا.. يُراقب الموجودين ومعظمهم سائقو شاحنات.. تلعب لعبة الشك بقواعدها، فكل واحد من هؤلاء يبدو مريبًا.. طبعًا لا بد من اللعب على الأعصاب.. هناك سائق شاحنة فظ يغادر المطعم، ويتجه نحو الشاحنة، ثم يتجاوزها ويركب سيارة صغيرة.. من جديد يشك في واحد آخر، ويصل الأمر إلى مشاجرة باللكمات.. لكن عندما تنتهي المشاجرة يغادر الرجل المطعم ليركب سيارة أخرى. فجأة لم تعد الشاحنة واقفة، وهو ما يعني أن سائقها لم يدخل الحانة أصلاً..
يُواصل الرحلة.. الآن صارت الأمور واضحة.. الشاحنة التي تطارده لا تمتّ لعالمنا بصلة.. إنها مسخ من مسوخ أفلام الرعب.. يقف عند قضيب قطار بانتظار مروره، هنا تظهر الشاحنة من لا مكان وتدفعه دفعًا نحو القضيب!
ينجو بمعجزة وبالضبط في اللحظة الأخيرة..
حان وقت طلب الشرطة من محطة وقود. هنا تقتحم الشاحنة المجنونة المحطة، وتهشّم كابينة الهاتف.. وينجو بمعجزة..
يجرّب عدة مرات أن ينتظر حتى تمرّ ثم يغيّر طريقه، لكنه في كل مرة يُفاجَأ بها بانتظاره.. المشكلة الأخرى هي أن رادياتور سيارته لا يعمل بكفاءة لذا تسخن السيارة بلا توقّف. مطاردة مثيرة جدًا وتحبس الأنفاس.. وفي النهاية يُدرك أنه لا سبيل للفرار إلا المواجهة..
يقف بالسيارة وظهرها لجرف عالٍ، ثم يضع حقيبته على دواسة البنزين، ويثب من السيارة التي تندفع نحو الشاحنة وتصطدم بها.. مِن ثمّ تسقط السيارتان في الهاوية شعلة من النيران..
وفي لحظة السقوط نسمع صوتًا من الشاحنة.. صوتًا لا يمت للآلات بل هو أقرب لوحش يعوي.. تمّ استعمال نفس الصوت لحظة موت سمكة القرش في فيلم "الفك المفترس"..
قد انتصر الرجل الضعيف المتوسّط في كل شيء.. والأهم أننا لم نفهم لماذا بدأت تلك المطاردة.. ما نعرفه هو أننا لم نستطِع التنفّس معظم مدة الفيلم.. يرى سبيلبرج أن أفظع ما في الفيلم هو أننا لا نرى سائق الشاحنة أبدًا!
برهن سبيلبرج على براعة إخراجية لا شكّ فيها، واستطاع أن يتعامل مع المسخ الغريب "الشاحنة" بنفس البراعة التي تعامل بها فيما بعد مع مسخ آخر هو الفك المفترس. لا شك أن هناك دروسًا عدة تلقّاها من سيد الإثارة هتشكوك، خاصة مع فيلم المسوخ الأستاذي "الطيور".
اختار سبيلبرج نوعًا معينًا من الشاحنات، يبدو كأن لها وجهًا. وقد وضع لها ماكياجًا خاصًا لتكون قبيحة جدًا. كان طول الفيلم 74 دقيقة، لكن بعد نجاحه الساحق تمّت إطالته إلى 90 دقيقة ليمكن عرضه في دور السينما، وكان هذا عن طريق تصوير لقطات إضافية (مكالمته مع زوجته مثلاً). استغرق التصوير 12 يومًا وهو نموذج لقدرة سبيلبرج المذهلة على إنهاء عمل جيّد في وقت قصير.
كان هذا الفيلم الجميل من أفلام الحافظة الزرقاء..
تاريخ النشر: 31/03/2011 - 02:18:52 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/march/24/29811[/link] - DirectorDavid LeanStarsPeter O'TooleAlec GuinnessAnthony QuinnThe story of T.E. Lawrence, the English officer who successfully united and led the diverse, often warring, Arab tribes during World War I in order to fight the Turks.هذا الفيلم الأسطوري يُعتبر جامعة تخرّج فيها عديد من المخرجين والسينمائيين، ويعترف المخرج العالمي ستيفن سبيلبرج بأنه يجب أن يشاهده مرة كل أسبوع على الأقل كي يحتفظ باتصاله بمعنى السينما الممتازة.
بالنسبة لنا نحن العرب، يتعلق الفيلم بفترة تاريخية مهمة من تاريخنا، كما أنه يمثل أول ظهور عالمي للنجم المصري (عمر الشريف). يحكي المخرج عاطف سالم أن ديفيد لين المخرج البريطاني العظيم، كان بحاجة لممثل عربي الملامح، له نظرات قوية ليؤدي دور (الشريف علي)، ولم يجد عاطف سالم طريقة أفضل من أن يصحبه معه للسينما لرؤية فيلم (أيامنا الحلوة)، الذي كان يضمّ أهم ثلاثة نجوم مصريين وقتها: عبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وعمر الشريف.. فلما رأى لين عمر الشريف صاح: هذا هو! وعرف أنه يجيد الإنجليزية كذلك؛ فازداد حماسًا. وكان ظهور عمر الشريف أسطوريًا؛ خاصة مع تأثير الضباب وقدومه من بعيد، مع عينيه القويتين، وهكذا حفر مكانه للأبد لدى المشاهد الغربي.. وفيما بعد تأكد هذا المكان بفيلم د. زيفاجو لنفس المخرج، الذي جعل كل شباب العالم الغربي يطيلون شواربهم ويخرجون القميص خارج البنطال، مع ارتداء الحزام عليه من الخارج. لقد صار عمر الشريف موضة في العالم كله!
ديفيد لين مخرج بريطاني عظيم بالغ الأهمية، ويعتبرونه من أعمدة هوليوود السبعة الذين تسقط دونهم. مُقلّ جدًا في أفلامه؛ لكن كل فيلم منها يصلح للتدريس؛ ويكفي أن نذكر بين أفلامه (أوقات عصيبة)، و(ابنة رايان)، و(ممر إلى الهند)، و( جسر على نهر كواي)، و(د. زيفاجو)... يؤكد لين القاعدة القديمة التي لا تخيب: أفضل المخرجين على الإطلاق هم مَن بدءوا حياتهم بالمونتاج. المونتاج يتيح لك فهم الإيقاع، ويتيح لك رؤية أخطاء الآخرين في أفلامهم.
كان لين قد خرج من النجاح الساحق لفيلم (جسر على نهر كواي) مع المنتج سام سبيجل، وراح يفكّر في تقديم فيلم عن غاندي مع نفس المنتج (من الخسارة أنه لم يصنعه قط)، ثم وجد أنه يفكر بعمق في (أعمدة الحكمة السبعة) كتاب لورانس الشهير.
عرض الفيلم عام 1962، وقد كتب له السيناريو روبرت بولت.. كاتب السيناريو العظيم الذي يعتبره كثيرون أفضل سيناريست على الإطلاق. تصوير فريدي يانج علامة لا تنسى، وكذلك موسيقى موريس جار الرائعة، التي يعرفها الجميع.
تمت كتابة السيناريو مرتين، لكي يصير البطل هو شخصية لورانس نفسها وليست الأحداث التاريخية المهمة. يحكي الفيلم عن ضابط المخابرات البريطاني (ت. لورانس) الذي لعب دورًا محوريًا بالغ الأهمية في بداية القرن العشرين. مات لورانس في حادث دراجة بخارية، وهو الذي كان مولعًا بقيادة الدراجات البخارية بسرعة جنونية. وفي حفل تأبينه يقوم الصحفيون بمعرفة المزيد عن هذا الضابط الغامض، على طريقة المواطن كين الشهيرة.
عندما كان لورانس -ويلعب دوره بيتر أوتول- في القاهرة، كان الأمير فيصل (أليك جنيس) يقود ثورة العرب ضد الأتراك. هكذا تتفق مصلحة بريطانيا مع مصلحة العرب، ويتلقى العرب الوعد الكاذب المشئوم بأنهم إذا ساعدوا بريطانيا على هزيمة الرجل المريض تركيا؛ فإنهم بعد الحرب العالمية الأولى سينالون استقلالهم.. طبعًا نعرف من كتب التاريخ أن هذا لم يحدث، وأنهم كوفئوا باتفاقية سايكس بيكو التي مزقت لحم بلادهم الحي.
يُسند مكتب المخابرات البريطاني مهمة الاتصال بالعرب إلى الضابط (لورانس). وهو لا يملك الموهبة اللازمة لهذا العمل؛ فيما عدا أنه يعرف الكثير عن البدو..
يكون لقاؤه الأول مع الشريف علي الذي يقتل تابعه. هذا هو ظهور عمر الشريف المهيب لأول مرة على الشاشة.. شخصية الشريف علي لا وجود لها تاريخيًا؛ وإنما هي خليط من عدة شخصيات.
يقابل لورانس الأمير فيصل، وينشأ إعجاب متبادل بين الرجلين.. الضابط البريطاني الحساس الذكي والمحارب البدوي واسع الخبرة.
هكذا يتطور دور لورانس من مجرد مفاوض إلى مشارك في عمليات البدو. يقترح على الأمير فيصل أن يعطيه خمسين رجلاً يهاجم بهم العقبة، وهي ميناء شديد الأهمية يمكن للبريطانيين أن يوصلوا الإمدادات للعرب عن طريقه.
تتم الغارة بالاشتراك مع الشريف علي، ويعبر صحراء النفود التي يعتبرها البدو صحراء الموت. إن البريطاني النحيل لا يخاف.. وعندما يكتشف أن تابعه العربي قد ضاع في الصحراء؛ فإنه يعود له لينقذه.. بهذا يكسب الكثير من احترام العرب وتقديرهم.
هذا الفيلم الأسطوري يُعتبر جامعة تخرّج فيها عديد من المخرجين والسينمائيينلست ناقدًا سينمائيًا؛ لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلاً... أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها من يحب.
هذا الفيلم الأسطوري يُعتبر جامعة تخرّج فيها عديد من المخرجين والسينمائيين، ويعترف المخرج العالمي ستيفن سبيلبرج بأنه يجب أن يشاهده مرة كل أسبوع على الأقل كي يحتفظ باتصاله بمعنى السينما الممتازة.
بالنسبة لنا نحن العرب، يتعلق الفيلم بفترة تاريخية مهمة من تاريخنا، كما أنه يمثل أول ظهور عالمي للنجم المصري (عمر الشريف). يحكي المخرج عاطف سالم أن ديفيد لين المخرج البريطاني العظيم، كان بحاجة لممثل عربي الملامح، له نظرات قوية ليؤدي دور (الشريف علي)، ولم يجد عاطف سالم طريقة أفضل من أن يصحبه معه للسينما لرؤية فيلم (أيامنا الحلوة)، الذي كان يضمّ أهم ثلاثة نجوم مصريين وقتها: عبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وعمر الشريف.. فلما رأى لين عمر الشريف صاح: هذا هو! وعرف أنه يجيد الإنجليزية كذلك؛ فازداد حماسًا. وكان ظهور عمر الشريف أسطوريًا؛ خاصة مع تأثير الضباب وقدومه من بعيد، مع عينيه القويتين، وهكذا حفر مكانه للأبد لدى المشاهد الغربي.. وفيما بعد تأكد هذا المكان بفيلم د. زيفاجو لنفس المخرج، الذي جعل كل شباب العالم الغربي يطيلون شواربهم ويخرجون القميص خارج البنطال، مع ارتداء الحزام عليه من الخارج. لقد صار عمر الشريف موضة في العالم كله!
ديفيد لين مخرج بريطاني يعتبرونه من أعمدة هوليوود السبعةديفيد لين مخرج بريطاني عظيم بالغ الأهمية، ويعتبرونه من أعمدة هوليوود السبعة الذين تسقط دونهم. مُقلّ جدًا في أفلامه؛ لكن كل فيلم منها يصلح للتدريس؛ ويكفي أن نذكر بين أفلامه (أوقات عصيبة)، و(ابنة رايان)، و(ممر إلى الهند)، و( جسر على نهر كواي)، و(د. زيفاجو)... يؤكد لين القاعدة القديمة التي لا تخيب: أفضل المخرجين على الإطلاق هم مَن بدءوا حياتهم بالمونتاج. المونتاج يتيح لك فهم الإيقاع، ويتيح لك رؤية أخطاء الآخرين في أفلامهم.
كان لين قد خرج من النجاح الساحق لفيلم (جسر على نهر كواي) مع المنتج سام سبيجل، وراح يفكّر في تقديم فيلم عن غاندي مع نفس المنتج (من الخسارة أنه لم يصنعه قط)، ثم وجد أنه يفكر بعمق في (أعمدة الحكمة السبعة) كتاب لورانس الشهير.
عرض الفيلم عام 1962، وقد كتب له السيناريو روبرت بولت.. كاتب السيناريو العظيم الذي يعتبره كثيرون أفضل سيناريست على الإطلاق. تصوير فريدي يانج علامة لا تنسى، وكذلك موسيقى موريس جار الرائعة، التي يعرفها الجميع.
تمت كتابة السيناريو مرتين، لكي يصير البطل هو شخصية لورانس نفسها وليست الأحداث التاريخية المهمة. يحكي الفيلم عن ضابط المخابرات البريطاني (ت. لورانس) الذي لعب دورًا محوريًا بالغ الأهمية في بداية القرن العشرين. مات لورانس في حادث دراجة بخارية، وهو الذي كان مولعًا بقيادة الدراجات البخارية بسرعة جنونية. وفي حفل تأبينه يقوم الصحفيون بمعرفة المزيد عن هذا الضابط الغامض، على طريقة المواطن كين الشهيرة.
عندما كان لورانس -ويلعب دوره بيتر أوتول- في القاهرة، كان الأمير فيصل (أليك جنيس) يقود ثورة العرب ضد الأتراك. هكذا تتفق مصلحة بريطانيا مع مصلحة العرب، ويتلقى العرب الوعد الكاذب المشئوم بأنهم إذا ساعدوا بريطانيا على هزيمة الرجل المريض تركيا؛ فإنهم بعد الحرب العالمية الأولى سينالون استقلالهم.. طبعًا نعرف من كتب التاريخ أن هذا لم يحدث، وأنهم كوفئوا باتفاقية سايكس بيكو التي مزقت لحم بلادهم الحي.
يُسند مكتب المخابرات البريطاني مهمة الاتصال بالعرب إلى الضابط (لورانس). وهو لا يملك الموهبة اللازمة لهذا العمل؛ فيما عدا أنه يعرف الكثير عن البدو..
يكون لقاؤه الأول مع الشريف علي الذي يقتل تابعه. هذا هو ظهور عمر الشريف المهيب لأول مرة على الشاشة.. شخصية الشريف علي لا وجود لها تاريخيًا؛ وإنما هي خليط من عدة شخصيات.
يقابل لورانس الأمير فيصل، وينشأ إعجاب متبادل بين الرجلين.. الضابط البريطاني الحساس الذكي والمحارب البدوي واسع الخبرة.
هكذا يتطور دور لورانس من مجرد مفاوض إلى مشارك في عمليات البدو. يقترح على الأمير فيصل أن يعطيه خمسين رجلاً يهاجم بهم العقبة، وهي ميناء شديد الأهمية يمكن للبريطانيين أن يوصلوا الإمدادات للعرب عن طريقه.
تتم الغارة بالاشتراك مع الشريف علي، ويعبر صحراء النفود التي يعتبرها البدو صحراء الموت. إن البريطاني النحيل لا يخاف.. وعندما يكتشف أن تابعه العربي قد ضاع في الصحراء؛ فإنه يعود له لينقذه.. بهذا يكسب الكثير من احترام العرب وتقديرهم.
وينجح لورانس في إقناع عودة أبو تايه -زعيم قبيلة الحويطات القوية- بالانضمام له. يلعب أنتوني كوين هذا الدور في أداء يصعب نسيانه، وإن أثارت الشخصية -كما ظهرت في الفيلم- سخط العرب؛ لأنها تظهر عودة مجرد لص صحراوي ظريف، وقد رفع أحفاد الرجل قضية على شركة كولومبيا، استمرت عشر سنوات. ويحكون أن ديفيد لين اختار كوين لهذا الدور؛ فوضع كوين الماكياج والثياب لنفسه، ثم ظهر في مسرح التصوير دون أن يُعلن عن نفسه. لما رأى ديفيد لين هذا البدوي الغامض طلب من مساعديه أن يلغوا اتفاقهم مع كوين.. هذا البدوي هو الأصلح للدور!
يعود لورانس للقاهرة ليقابل المندوب السامي البريطاني الجديد اللنبي، ويخبره بما حققه من انتصارات، ثم يتزود بالسلاح والمال ليعود للأمير فيصل.
لقد صار لورانس أقرب إلى شخصية جيفارا.. إنه بعبع الترك في كل مكان، وهو يدمر قطاراتهم وحصونهم بلا توقف. العرب يحبونه فعلاً؛ لكنه كذلك يزداد قسوة.. لقد صار محاربًا بالكامل. وفي الواقع يسبب أكثر من مذبحة ضد الأتراك. هنا لعبة شهيرة لعبها مصمم الثياب.. في البداية تكون ثياب لورانس زاهية واضحة، ثم مع الوقت تصير بيضاء شبه شفافة؛ مما يجعله أقرب للأشباح أو الأطياف. مع ملاحظة أن عيني بيتر أوتول زرقاوان شفافتان تقريبًا.
في الوقت ذاته يزداد نفور البريطانيين منه باعتباره موشكًا على الجنون، ولأنه صار أقرب إلى البدو في طباعه.
أما هو فيعاني أزمة ضميرية ناجمة عن حبه للعرب والشعور بأن بريطانيا تنوي أن تخدعهم. وفي النهاية يقرر اللنبي أن إنهاء مهمة لورانس هو الأصوب.. ويعتكف هذا الأخير بين ركوب الدراجة البخارية وكتابة مذكراته الشهيرة (أعمدة الحكمة السبعة).
نال الفيلم تقديرًا عظيمًا بين الجماهير والنقاد؛ وإن سبّب حساسية لدى بعض الأقطار العربية التي تناولها؛ خاصة أن أحفاد من ظهروا في الفيلم ما زالوا أحياء؛ فلم تقبل عرضه سوى الجمهورية العربية المتحدة -وقتها- بينما وجدت فيه باقي الدول العربية ما يسيء لها.
تاريخ النشر: 21/04/2011 - 09:43:53 am
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/april/21/31991[/link] - DirectorJoseph L. MankiewiczStarsLaurence OlivierMichael CaineAlec CawthorneA man who loves games and theater invites his wife's lover to meet him, setting up a battle of wits with potentially deadly results.لا توجد في هذه الحياة الدنيا حقائق مطلقة، ولا يوجد عباقرة.. كلنا مخدوعون واهمون، وكلما توهمنا أننا أذكى من الآخرين وأننا نمشي على جادة الصواب، اكتشفنا أن هذا جزء من لعبة يمارسها شخص آخر أذكى منا. هذا هو تقريبًا ما يريد فيلم "المخبر" أن يقوله لنا، لكنه يخبرنا به عن طريقة قصة (تبدو) بوليسية.. وعن طريق مباراة أداء مذهلة بين ممثلين عظيمين هما لورانس أوليفييه ومايكل كين.. ممثلان بريطانيان استحق كل منهما لقب "سير".
عرفتُ الفيلم من مقال للراحل سامي السلاموني، ومعلوماتي أنه عُرض فقط في نادي سينما القاهرة عرضًا خاصًا، لكن صديقًا لي أكد أنه شاهده في السينما في طفولته. على كل حال رأيته فيما بعد في برنامج نادي السينما بالتلفزيون مع الرائعة درية شرف الدين، وانبهرت به.
لفيلم من إنتاج عام 1972؛ فلا تخلط بينه من فضلك وبين النسخة الحديثة التي عُرضت عام 2007، والتي قدمها كنيث براناه. لم أر الفيلم الجديد فلا يمكن أن أزعم أن القديم أفضل، وإن كنت أميل إلى هذا الرأي على كل حال.. الفيلم الجديد كتب السيناريو له هارولد بنتر -الكاتب الحاصل على جائزة نوبل- مما يجعله جديرًا بالمشاهدة..
أخرج الفيلم مخرج مهم جدًا هو جوزيف مانكوفتش الذي قدم قبل ذلك أفلامًا مثل "الكونتيسة الحافية" و"كليوباترا". أما السيناريو فهو للكاتب المسرحي الكبير أنطوني شيفر الذي كتب سيناريو أفلام مثل "الجنون" - "رجل الخيرزان" - "قتل في قطار الشرق السريع" - "الموت على النيل".. والفيلم عن مسرحية له.
خبرنا الفيلم في التترات أنه من بطولة ثلاثة ممثلين؛ هم لورانس أوليفييه ومايكل كين وأليك كوثورن. الحقيقة أنه من بطولة رجلين فقط، لأننا نكتشف في السياق أن أليك كوثورن هو مايكل كين نفسه.. وينزع قطع الماكياج المذهل أمامنا قطعة قطعة!
القصة تدور في مكان واحد تقريبًا..
هناك كاتب قصص بوليسية ثريّ اسمه وايك -يلعب دوره لورانس أوليفييه- يعيش وحده في قصر جدير بالقصص.. الحديقة على شكل متاهات معقدة، والبيت نفسه مليء باللعب الميكانيكية التي تبعث الرعب في القلوب.. معظم هذه الألعاب بحجم الإنسان. صمم ديكورات القصر كين آدام -مصمم المناظر الأسطوري- الذي عرفناه من أفلام جيمس بوند.
المؤلف واقع في حب فتاة فنلندية، وهو متزوج لكنها زيجة تعسة فعلاً، وهو يعرف جيدًا أن زوجته واقعة في قصة حب مع الكوافير الخاص بها.. وهو فاتن نساء من أصل إيطالي يلعب دوره (مايكل كين).. غريب أن يلعب مايكل كين البريطاني جدًا جدًا دور رجل إيطالي، لكن هذه الأمور لا تضايقنا طبعًا بينما هي تغيظ الغربيين.
إن المؤلف يدعو الكوافير الإيطالي الوسيم إلى داره.. والهدف هو الانتقام منه ووضعه في لعبة عقلية قاسية. يقترح على الكوافير الإيطالي أن تكون المنفعة مشتركة بينهما، باعتبارهما رجلين ناضجين ويفهم كل منهما الآخر.. الكوافير سيسرق بعض المجوهرات الثمينة من القصر لينفق منها على الزوجة.. وفي الوقت نفسه سوف يستفيد المؤلف بمبلغ التأمين على المجوهرات. بعد لأْيٍ يقتنع الكوافير بهذه الحيلة المزدوجة ويتنكر ويتسلل إلى البيت من الخارج ليجعل السرقة مسبوكة أمام الشرطة، فتكون النتيجة هي أنه وضع نفسه بالضبط في موضع اللص.. ويصير من حق المؤلف أن يطلق عليه الرصاص لأنه لص تسلل إلى داره!
بعد يومين من هذا يتلقى المؤلف زيارة من مفتش في سكوتلانديارد اسمه دوبلر.. يبدو لنا أنه الممثل المجهول المذكور في تترات الفيلم باسم أليك كوثورن. المفتش يحقق في اختفاء الكوافير الإيطالي.. يخبره المؤلف ضاحكًا أنه لعب لعبة قاسية مع الكوافير، وفي النهاية أطلق عليه الرصاص فعلاً لكنه رصاص فشنك.. أي أنه جعله يعيش كل أهوال الموت دون أن يموت، ثم أطلق سراحه! لكن الأمور لا تبدو بهذه البساطة للمفتش.. هناك آثار طلقات.. هناك دم على السلم.. هناك اختفاء غير مبرر للكوافير.. هناك دافع الغيرة.. أنت مقبوض عليك يا سيدي بتهمة قتل الكوافير. لقد وجد المؤلف نفسه في مصيدة محكمة.. وسرعان ما يقيده المفتش بالأصفاد..
في اللحظة التي يوقن فيها المؤلف أنه ضاع، يبدأ المفتش في نزع الماكياج ببطء.. وهنا نكتشف أنه الكوافير مايكل كين ذاته!..
الآن تتضح جوانب الصراع بين الشخصيتين. المؤلف الثري يحتقر الكوافير ذا الأصل الإيطالي بشدة، لكنه كذلك منبهر بكونه استطاع أن يخلب لب زوجته. الكوافير يحتقر المؤلف الثري المترف الذي لا يصنع شيئًا حقيقيًا في الواقع. هكذا سيكون على الرجلين خوض صراع عقلي لا ينتهي.. عشرات الألعاب والدعابات العملية المتقنة فعلاً.. وفي كل مرة تبدو اللعبة متقنة بطريقة (يبدو أن الأمر حقيقي هذه المرة) مما يثير الرعب في نفس اللاعب.
مثلاً يقنع الكوافير المؤلف بأنه عرف عشيقته الفنلندية وأقام علاقة معها، ثم قتلها ودفن جثتها.. لكنه ترك في القصر علامة سوف يجدها رجال الشرطة بسهولة ويتهمون المؤلف بقتل عشيقته. هكذا يبحث المؤلف عن الدليل في جنون وبسرعة قبل وصول رجال سكوتلانديارد.. وما إن يتخلص المؤلف من الدليل حتى يدرك أنها لعبة أخرى قاسية.. إن الفتاة الفنلندية حية ترزق..
تتصاعد اللعبة وتحيرنا معها، وإن كان هناك كثير من الافتعال في الواقع؛ فليس الفيلم بلا ثغرات وأحيانًا يكون مملاً..
وفي النهاية يفقد المؤلف أعصابه ويقتل الكوافير، بينما يصل رجال الشرطة، وترقص كل الدمى العملاقة في القصر رقصتها العبثية المجنونة..
يقول الكوافير وهو يحتضر:- "فقط تذكر أن هذه مجرد لعبة دموية مسلية"!
وينتهي الفيلم وقد خسر الجميع.. الليلة لا يوجد فائزون..
كان استقبال الفيلم إيجابيًا جدًا لدى النقاد، ورُشح لجوائز أوسكار عديدة لكنه لم ينلها، وإن نال أوليفييه جائزة نقاد نيويورك.
في الفيلم الجديد الذي عرض عام 2007 يلعب مايكل كين دور المؤلف، بينما يلعب جود لو دور الكوافير.. طبعًا اسم (هارولد بنتر) يجعله جديرًا بالمشاهدة..
إن الفيلم درس ممتاز في كتابة السيناريو، وفي اللعب بالمُشاهد، وفي استغلال المكان الواحد خير استغلال.. كما أنه يخبرنا بشيء كنا نعرفه جيدًا: نحن لسنا بالبراعة التي نحسبها!
كان هذا الفيلم فيلمًا آخر من أفلام الحافظة الزرقاء.
تاريخ النشر: 28/04/2011 - 03:18:33 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/april/28/32454[/link] - DirectorFrancis Ford CoppolaStarsGene HackmanJohn CazaleAllen GarfieldA paranoid, secretive surveillance expert has a crisis of conscience when he suspects that the couple he is spying on will be murdered.عندما قدّم فرانسيس فورد كوبولا -المخرج الأمريكي الكبير ذو الأصل الإيطالي- فيلم "المحادثة"، لم تكن هذه فرصة منحتها شركات الإنتاج في لحظة كرم حاتمي لشاب جاء من فراغ. الحقيقة أن كوبولا كان قد قد قدّم فيلمًا أسطوريًا اسمه "الأب الروحي"، وقد شجّع هذا الشركات على أن تسمح له بأي ميزانية يطلبها، خاصة أنها كانت قبل "الأب الروحي" متشككة وقلقة، والأدهى عندما منح دورًا كبيرًا في الفيلم لشاب لم يسمع عنه أحد، اسمه آل باتشينو. لكن هذا ليس موضوعنا على كل حال.
"المحادثة" (1974) فيلم جميل.. يمكنك أن تشاهده كقصة بوليسية ممتعة، أو تشاهده كفتح سياسي خطير، أو تشاهده كدراسة نفسية معقدة عن الشكّ في الآخرين.. هو إذن من تلك الأفلام التي تحوي شيئًا يروق لكل واحد.
كَتَب السيناريو كوبولا بنفسه عام 1966، وإن لم يستطِع الحصول على مَن ينتجه إلا بعد 8 أعوام، وبعد نجاح "الأب الروحي" كما قلنا. وقام ببطولة الفيلم جين هاكمان؛ وجين هاكمان "ممثل شخصية" خطير يمكنه أن يقنعك بأي دور يقوم به، ويقول دومًا إنه سعيد أنه ليس وسيمًا وإلا لاضطرّ لتمثيل أدوار النجوم فقط.. بملامحه هذه يمكنه أن يكون أي واحد.
الفيلم يرينا كيف أن وسائل التكنولوجيا الحديثة قد جعلت التلصص على الآخرين أسهل.. وفي الوقت ذاته يمكن لهذه التكنولوجيا أن تعطينا صورة خادعة تمامًا!. طبعًا يتكلّم الفيلم عن وسائل الاتصال عام 1974.. يمكن أن نتخيّل كم ازدادت المشكلة تعقيدًا مع تكنولوجيا اليوم.
إن الفيلم يبدأ بداية شهيرة جدًا؛ حيث نتابع المتنزّهِين في متنزه عام في سان فرانسسكو في لقطة واحدة طويلة جدًا.. تركّز الكاميرا بالذات على رجل وامرأة يتبادلان حديثًا عابرًا.. لا نسمعه بوضوح في البداية.. لكن هذه المحادثة ستكون محور الفيلم بعد ذلك، ولسوف نسمعها عشرات المرات بشكل أوضح.. هذا هو المشهد الوحيد الباقي من عمل المصور هاسكل وكسلر قبل أن يختلف مع المخرج فنيًا ويترك الفيلم، وبعده جاء باتلر الذي عمل مع كوبولا في معظم أفلامه بعد ذلك.
هكذا نتعرّف على جين هاكمان -خبير التنصت الذي يعرف الجميع براعته، ويستأجره الكثيرون لتسجيل محادثات معينة- وبما أنه يعرف قدرات أجهزته فإنه يعيش في حالة بارانويا دائمة.. شقته خالية من الأثاث تمامًا ليسهل عليه اكتشاف أي جهاز مدسوس، ولا يستعمل إلا أجهزة الهاتف العمومي فقط؛ فلا يحتفظ بهاتف في شقته. وهو مولع بالعزف على الساكس في شقته على أسطوانات الجاز التي يملكها.
إنه متجرد تمامًا، أو هكذا يحاول أن يكون.. يتصرّف كعاملة الآلة الكاتبة التي تنسخ دون أن تستوعب حرفًا مما تنسخه؛ لهذا لا يهتم أبدًا بمحتوى ما يقوم بتسجيله.. فلا تشغله إلا دقة الصوت وأن يكون "نقيًا كالكريستال".
كلّفه أحد العملاء بتسجيل محادثة الرجل والمرأة في المُتَنَزَّه، وهي مهمة يقوم بها بنجاح تام، وبطريقة معقدة فعلاً.. ألم يعلّمونا أن خير طريقة لتجنّب تسجيل المحادثة هي أن تدور وتدور ولا تقف في مكان واحد؟ نكتشف أن هذه خرافة.. لقد سجّل المحادثة بدقة مذهلة، لكنه لا يفهم شيئًا مما يتكلّمان عنه.. فقط يقوم بتنقية الحوار أفضل فيلتقط عبارات مريبة:- "سوف يقتلنا لو نال الفرصة لذلك".
يُحاول أن يتجنّب تسليم الشريط للزبون.. من الواضح أن هناك مذبحة ستتم لو تم تسليم الشريط له، فكل شيء يوحي بأن الزبون زوج يريد التجسس على زوجته. يشعر هاكمان أن حياته تتحوّل إلى جحيم؛ بسبب الملاحقة والتنصت عليه.. هناك مَن يتابعه باهتمام، وفي النهاية يسرق أحدهم الشريط منه.
إن هذا البحث المضطرب وحالة عدم الفهم هذه، يُذكراننا بفيلم آخر هو "تكبير" لمايكل أنجلو أنطونيوني.. ولا ينكر كوبولا أنه تأثّر بالفيلم الأخير، الذي كان يتعلّق بمصوّر محترف يلتقط صورة مريبة.
ينتظر حدوث مأساة.. في الحقيقة تحدث مأساة فعلاً، لكن المعطيات كانت خاطئة تمامًا، وما توقّعه هو العكس..
يجن جنون هاكمان، ويبحث في شقته عن جهاز تنصت في أي ركن.. يمزق كل شيء ويُدمّر كل شيء، وينزع لوحات الأرضية في هذا البحث المجنون، ويأتي مشهد النهاية لنجده جالسًا منهكًا على الأرض، يستعمل الأداة الوحيدة السليمة الباقية في شقته.. الساكس.. الجهاز الوحيد الذي يثق به..
عندما عرف العالم تفاصيل فضيحة ووترجيت التي كان الرئيس الأمريكي نيكسون يستعمل فيها أجهزة التنصت على خصومه السياسيين؛ فوجئ مخرج الفيلم كوبولا عندما عرف أن نيكسون استعمل أساليب التنصت نفسها المستعملة في الفيلم. وبرغم هذا فإن الفيلم تمّ الانتهاء منه قبل أن تنشر الصحف الفضيحة، لكن الفيلم عُرض بعد استقالة نيكسون فعلاً، وهو ما دعا الجمهور لأن يعتقد أن الفيلم يعبّر عن فضيحة ووترجيت.
نال الفيلم استحسان النقاد، وضمّته مكتبة الكونجرس إليها لأهميته، فلم يستطِع فيلم سابق الدخول إلى عالم التنصت المرعب بهذه الدقة.. وقد فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان لعام 1974. ورُشّح لثلاث جوائز أوسكار وإن لم ينل أيًّا منها.. الفارق بين الترشيح والفوز طفيف جدًا على كل حال.
بعد أعوام طويلة (22 عامًا) قدّم جين هاكمان ما يُعتبر الجزء الثاني من هذا الفيلم، واسمه "عدُوّ الولاية". يمارس عمله في المختبر الصوتي نفسه ويلبس الثياب نفسها تقريبًا.. وفيه مشهد افتتاحي ضخم يُذكّرنا بالمشهد الافتتاحي في "المحادثة".
كان هذا فيلمًا رائعًا آخر من أفلام الحافظة الزرقاء.
تاريخ النشر: 05/05/2011 - 05:19:48 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/may/5/32930[/link] - DirectorMilos FormanStarsF. Murray AbrahamTom HulceElizabeth BerridgeThe life, success and troubles of Wolfgang Amadeus Mozart, as told by Antonio Salieri, the contemporaneous composer who was deeply jealous of Mozart's talent and claimed to have murdered him.مذاق هذا الفيلم الساحر لا يفارق الفم بسهولة، وفي كل مرة أرى كادرًا واحدًا منه، أدخل في غيبوبة لا أفيق منها إلا مع تترات النهاية!.. فهو مصيدة فنية حقيقية..
برغم هذا لم أسمع أن الفيلم عرض في مصر أبدًا، فلم أره إلا على شريط فيديو في التسعينيات، وكانت معلوماتي السابقة عنه مستمدة من كتابات النقاد الذين رأوه في مهرجان كان عام 1984 فلم يستطيعوا أن يصمتوا لحظة!..
إن الحقد عاطفة بسيطة سهلة.. كل إنسان يستطيع أن يحقد. وأسهل الحقد هو ما رافقه الغباء والحمق؛ اللذان يجعلانك ترى أن الآخرين عديمو الموهبة نالوا أكثر مما يستحقون..
المشكلة هي الحقد الذي ينتاب الشخص الذكي الحساس ويعذبه، فهو يعرف قدراته ويعرف قدرات خصمه جيدًا، لهذا لا يستطيع أن يعلق نجاح خصمه على شماعة الحظ أو غباء الجماهير..
كانت هذه مشكلة سالييري موسيقار الملك. إنه ذكي جدًا وحساس وعاشق للموسيقى لكنه لم يملك القدرة على إبداعها. لهذا عندما قابل الفتى الطائش موتسارت لم يستطع إلا أن يعترف لنفسه بأن الفتى عظيم الموهبة وموسيقاه أسطورية، ولهذا عاشت روحه في جحيم أبدي.
عن مسرحية شهيرة لبيتر شيفر وإخراج ميلوش فورمان جاءت هذه القطعة من الفن الرفيع.. ميلوش فورمان مخرج من أصل تشيكي، هاجر إلى الولايات المتحدة وقدم مجموعة من الروائع؛ قابلنا منها هنا "أحدهم طار فوق عش الوقواق". التصوير كان للمصور ميروسلاف أندرتشك، وقد تميز بحساسية شديدة خاصة في نقل جو الشمعدانات والشموع.
القصة حقيقية تقريبًا مع الكثير من الخيال الذي لابد منه، وهي تحكي الصراع الخفي بين سالييري موسيقار الملك وموتسارت في بلاط ملك النمسا.
يبدأ الفيلم بسالييري، الشيخ مريض الاكتئاب الذي يحاول الانتحار بقطع عنقه. قام بدور سالييري -في أداء مذهل نال جائزة الأوسكار- الممثل ذو الأصل السوري (ف. موراي أبراهام)، الذي يكتبون اسمه أحيانًا (فريد مرعي إبراهيم).
إن سالييري هو موسيقار الملك.. وهو من أصل إيطالي، وهو مصرّ على أنه هو من قتل موتسارت الموسيقار العظيم. يُنقل إلى المصحة العقلية ويأتي إليه قس شاب ليأخذ اعترافاته.
يعزف سالييري على البيانو مقطوعة صغيرة ويسأل القس عن مؤلفها.. لا يعرف القس؛ فيعلن سالييري أنه هو مؤلف هذه المقطوعة. ثم يعزف مقطوعة أخرى يعرفها القس على الفور، ويهنئ الشيخ على موهبته العظيمة، لكن سالييري يخبره أن موتسارت هو مؤلف هذه المقطوعة.. هكذا يوضح الفيلم عقدته وقضيته من اللحظة الأولى.. موسيقى سالييرى قد نُسيت وتلاشت بينما ظلت موسيقى موتسارت خالدة.. والفيلم كله بعد هذا فلاش باك طويل لحياة سالييري وشبابه كما يحكي للقس.
منذ طفولته كان سالييري يعشق الموسيقى ويتمنى أن يصير موسيقيًا عظيمًا.. لقد منح حياته كلها للموسيقى. في النهاية استقر به المطاف في البلاط النمساوي في فيينا، وصار موسيقار الملك. ملك النمسا كان يعشق الموسيقى برغم أنه لا يملك أذنًا موسيقية على الإطلاق. لكن سالييري أحب الحياة وأحب نفسه، وعاهد الله ألا يتزوج ليكرس حياته كلها للموسيقى..
هنا يهبط عليه موتسارت من سماء صافية.. أقرب إلى مراهق غرير كثير العبث يلبس كالمهرج، وله ضحكة رفيعة صاخبة مزعجة.. هذا الدور أداه ببراعة توم هولسي، وهو ممثل حُرم جائزة الأوسكار مظلومًا بالتأكيد. يقولون إنه اعتمد في الأداء على شخصية لاعب التنس المتقلب ماكنرو. موتسارت في طريقه إلى الزواج من فتاة شعبية باسلة تفهمه تمامًا. سرعان ما يكتشف سالييري أن الفتى يملك موهبة غير عادية برغم أنه مخلوق عجيب..
عندما يُدعى موتسارت إلى لقاء الملك، فإنه يقضي الوقت في انتقاء جملة مناسبة. بينما يقوم سالييري بكتابة مقطوعة صغيرة للترحيب به. هنا ندرك أن المحيطين بالملك فريقان: فريق الموسيقيين الإيطاليين ومنهم سالييري، وفريق النمساويين الذين يتحمسون لموتسارت بالطبع. يستقبل موتسارت مقطوعة الترحيب بلا مبالاة واضحة، بل إنه يُدخل عليها تعديلات فورية ليجعلها أجمل (أمام غيظ سالييري وحرجه).
ع الوقت يتزايد نفوذ موتسارت.. يُسمح له بأن يقدم أوبرا كاملة، ويكتشف سالييري أنه خطف منه حبيبته مغنية الأوبرا كذلك.. إن موتسارت يمثل فرصة ممتازة ليكون هناك موسيقار نمساوي يقدم أوبرا بالألمانية، بعدما سيطر الإيطاليون على كل شيء.
ن الصراع النفسي المعقد لدى سالييري ينبع من تديُّنه الشديد، مما يجعله لا يفهم لماذا اختص الله موتسارت الطائش بكل هذه الموهبة، بينما حُرم هو منها.. هكذا يتزعزع إيمانه الكاثوليكي مع الوقت.
يلعب سالييري لعبة خطرة مع موتسارت، إذ يعرقل معظم مشاريعه سرًا، وإن كان يتظاهر في الوقت نفسه بأنه أقرب صديق له.
يتقرب لزوجته (في الجزء الذي تم حذفه من الفيلم يغرر بها فعلاً)، وهكذا تجلب له بعض مخطوطات موتسارت الأصلية.. يكتشف سالييري في هلع أن هذه المخطوطات هي الصيغة الأولى (Draft) للألحان التي يؤلفها موتسارت. أي أنه لا يتكلف جهدًا في كتابة الموسيقى.. إنه مجرد يد تكتب الألحان التي تُملى عليها إملاء من السماء!..
هنا ينتهي الأمر بالنسبة إليه.. لقد قرر أن يعلن الحرب على موتسارت وأن يدمره تدميرًا.
يتسلل لدار موتسارت مرارًا بعد ما قام برشوة خادمة تعمل هناك، ويتفحص كل شيء هناك؛ كالمنضدة التي يكتب الموسيقى عليها وريشة الحبر.. و.. علاقة معقدة جدًا هي مزيج من الكراهية والعشق المفتون. يدرك أن موتسارت ينزلق إلى ضائقة مالية بسبب إفراطه في اللهو.. يدرك كذلك علاقة موتسارت المعقدة مع أبيه الطاغية الذي توفي.. هكذا يلعب مع موتسارت لعبة نفسية خطرة إذ يلبس مثل أبيه ويضع قناعًا مخيفًا ويتظاهر بأنه ثري يريد من موتسارت لحنًا جنائزيًا.. يعرف سالييري أنه سيسرق لحن موتسارت هذا وسوف يقدمه للناس يوم وفاة الأخير..
الضغوط كثيرة على الفتى، بين الضائقة المالية ومطالب الأسرة والإفراط في الشراب، والحرب الخفية من سالييري ضده، وما يشعر بأنه شبح أبيه العائد.. ثم تأتي الطامة الكبرى عندما تغضب زوجته وتترك البيت مع طفلها..
الآن ينزلق الفتى إلى عالم مريع من الإرهاق والمرض والجوع والعربدة..
الملاك الذي يسدي له العون هو سالييري، الذي يقنعه بأن يستكمل القداس الجنائزي وهو سيساعده بالتدوين. هكذا يرقد موتسارت في الفراش لا يرى تقريبا ويبدأ التأليف، بينما يدون سالييري ما يقول.. وبالطبع لا يرحمه ولا يتركه ليرتاح. هذا أروع مشاهد الفيلم وأروع لحظات سالييري، لأنه رأى عن قرب من أين يأتي موتسارت بموسيقاه وكيف تتحقق المعجزة.. بينما موتسارت لا يعرف أنه يكتب اللحن الجنائزي الخاص به! حركات موتسارت وإيماءاته ودندنته تخلق أوركسترا كاملة، واللحن يتداخل مع سباق عربة الزوجة في الظلام وهي عائدة لزوجها، مع ذهول ساليييري وهو يفهم المعجزة ببطء..
عند شروق الشمس تكون الزوجة الغاضبة قد عادت إلى الدار لتجد سالييري.. تطرده من الدار طردًا، ثم تكتشف أن إرهاق الليلة الماضية قد قتل زوجها العبقري.. لقد انتهى لحن القداس لكنه لم يكتمل.. ونفذ سالييري جريمة القتل التي لا يمكن أن تدينه بها..
نعود لسالييري الذي ما زال يحكي قصته للقس في المصحة العقلية. لقد عاش طويلاً بعد موتسارت وهكذا استمتع برؤية الناس ينسون موسيقاه -موسيقى سالييري- وينسون من هو، بينما ظل موتسارت حيًا. ويصيح سالييري وهو على مقعده معلنًا أنه ملك محدودي الموهبة.. تعالوا إليّ!.. ونسمع ضحكة موتسارت الماجنة الرفيعة تدوي.. فهو ما زال يسخر من سالييري!
انتهى هذا الفيلم الذي يصعب نسيانه..
تاريخيًا هناك اختلافات عديدة عن الواقع، منها أن سالييري لم يقتل موتسارت ولم يكن هو نفسه موسيقيًا سيئًا.. بالطبع هناك هواة لحصر هذه الاختلافات لكنها لا تفسد متعة الفيلم.
رُشح الفيلم لإحدى عشرة جائزة أوسكار حصد منها ثماني بجدارة. كما حصد أربعًا من جوائز الكرة الذهبية.
كان هذا فيلمًا آخر من أفلام الحافظة الزرقاء..
تاريخ النشر: 12/05/2011 - 04:51:34 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/may/12/33398[/link] - DirectorQuentin TarantinoStarsJohn TravoltaUma ThurmanSamuel L. JacksonThe lives of two mob hitmen, a boxer, a gangster and his wife, and a pair of diner bandits intertwine in four tales of violence and redemption.كنت أتجنّب الكلام عن هذا الفيلم باعتباره حديثًا أكثر مما يُقدّمه هذا الباب، ثم فطنت إلى أن الزمن يجري بسرعة، وأن عمره اليوم صار 17 عامًا! هذا الفيلم من الكلاسيكيات الحديثة؛ أي أنه صار من تراث السينما فور تقديمه، وله أتباع شديدو الحماس والتعصّب، ويكفي أنه صنع اسم مخرجه كونتين تارانتينو الذي صار أي مهتم بالسينما الغربية يعرفه تمامًا.
كان تارانتينو قد حقّق نجاحه الأول مع "كلاب المستودع"، لكن هذا الفيلم هو الذي برهن بالتأكيد على أننا أمام مخرج وكاتب سيناريو فريد من نوعه. تارانتينو المخرج الأمريكي الذي كان بائعًا في متجر فيديو، والذي يفخر بأنه لم يذهب لمعهد السينما ليصير مخرجًا بل ذهب للسينما نفسها، والذي قدّم للسينما عناوين مهمة جدًا؛ مثل: "كلاب المستودع"، و"خيال شعبي"، و"اقتلوا بيل"، و"جاكي براون"، و"أوغاد غير شرفاء" إلخ...
"خيال شعبي" هي أقرب ترجمة ممكنة لعنوان هذا الفيلم Pulp fiction، وهو يشير إلى كتب المغامرات الرخيصة الشعبية التي كان المجتمع الأمريكي يُحبّ قراءتها، وكان ورقها يُصنع من لباب الأشجار. الفكرة هنا أن الفيلم يُقدّم خليطًا من القصص هي أقرب للمغامرات التي تنشر في هذه القصص، ومن الصعب أن تأخذ كل شيء بجدية.. هناك مسحة من المزاح لا شك فيها، كما أن أغلب العنف ينتمي لطراز "اللسان في الخد" كما يقول كتّاب السيناريو.. أي أنه لا يأخذ نفسه بجدية.
كتب السيناريو كوينتين تارانتينو مع كاتب آخر هو روجير أفاري، ولا ننسى هنا أن تارانتينو كاتب سيناريو مخضرم بارع في عمله. وقد استوحى الكاتبان تركيب الفيلم وقصته من فيلم رعب شهير هو "يوم السبت الأسود" الذي كان يتكوّن من ثلاثة فصول. في الواقع كل الفيلم يتكوّن من أجزاء معروفة أو شوهدت مرارًا في أفلام أخرى، لكنه يصقلها لتبدو كأنها جديدة تمامًا.
القصة يعرفها كل القراء غالبًا فلن نطيل الكلام عنها، وإن كنّا نذكّر القارئ بأنها تنتمي لأسلوب السرد غير الخطي، وتحوي عدة قصص متداخلة.. القصة "أ" تدور أمامنا بينما يمكن أن نرى لمحة من القصة "ب" في الخلفية، ثم ننتقل للقصة "ب" فنرى لمحة من القصة "أ" والقصة "ج". هذا الأسلوب الذي يبدو واضحًا جدًا في فيلم "مدينة الخطيئة" مثلاً، لكن هناك قصة واحدة تضع عباءتها على كل شيء. يطلقون على طريقة السرد هذه "السرد الدائري". والفيلم ينتمي لطراز السينما الذي يطلقون عليه "الفيلم الأسود الجديد" (Neo noir). الفيلم الأسود أصلاً هو الفيلم البوليسي الذي يدور في عوالم العصابات؛ حيث الليل والغموض والأزقة الخلفية والملاهي الليلية، والمفتش الخشن الذي يلبس المعطف الخاكي، وله طرق غريبة لممارسة مهنته تقترب من أساليب اللصوص أنفسهم.
كل شيء طريف ويتمّ تناوله من زاوية لم تخطر ببالك أبدًا..
هناك ثلاث قصص واضحة: قصة القاتل المأجور فيجا (جون ترافولتا)، وقصة الملاكم المحترف كوليدج (بروس ويليز)، وقصة مساعد القاتل وينفيلد (صمويل ل. جاكسون). والقصص تتداخل مرارًا.
المشهد الافتتاحي شهير جدًا، وقد تخصص تارانتينو في هذه المشاهد الافتتاحية التي لا تُنسى؛ حيث يجلس رجل وامرأة في مطعم.. إنهما لصان يبحثان عن عملية سطو يقومان بها.. يناقشان كل الأماكن التي يمكن السطو عليها، لكنهما يكتشفان أنه مع انتشار السلاح الناري صارت كل العمليات خطرة، وهكذا يقرران أن يسطوا على المطعم الذي يأكلان فيه بالذات، وعلى الفور تثب الفتاة للمنضدة لتعلن أنها ستقتل الجميع لو لم يذعنوا للأوامر.
هذا المشهد هو القصة العباءة التي تحتوي الفيلم كله، وقرب النهاية نعود لهذين اللصين التعسين لنكتشف أن من بين رهائن المطعم ذلك القاتل المأجور عديم الرحمة "فيجا" وصاحبه.. إن اللص المنحوس هو الذي يهدد قاتلاً مأجورًا بالمسدس.
بين البداية والنهاية نقع في دوامة فاتنة من الأحداث، بين القاتلين القاسيين والظريفين "فيجا" ومساعده اللذين يركبان سيارة ويتبادلان النقاش حول أفضل شطائر هامبورجر أكلاها "بيج كاهونا"..
م هناك زعيم العصابات الأسود والاس وزوجته ميا (أوما ثورمان) التي تتعاطى الكوكايين بانتظام، والتي يكلف أحد القاتلين (جون ترافولتا) بحراستها ومرافقتها في كل مكان، لكنها توقع ترافولتا في مواقف غاية في السوء..
هي رقصة شهيرة جدًا على ألحان تشوبي تشيكر، وقد اعتبرتها مجلة إمباير من أجمل رقصات الأفلام. لاحظ فيها ولع تارانتينو المرضي بالأقدام الحافية، الذي يظهر في كل أفلامه.
ميا تتعاطى الهيرويين الذي وجدته في معطف ترافولتا فتأخذ جرعة زائدة ويتوقّف قلبها، وهكذا يضطر ترافولتا لحقن قلبها بالأدرينالين. لو ماتت لنسفه زوجها نسفًا. هناك كذلك إطلاق رصاص بطريق الخطأ يفجر رأس أحد رجال العصابات ويلوّث السيارة من الداخل، وهو ما يضطر القاتلين إلى الاستعانة بمهنة غريبة نسمع عنها لأول مرة: الرجل المتخصص في إخفاء عمليات القتل. هنا نكتشف حقيقة غريبة؛ هي أن عليك إذا قتلت رجلاً أن تقضي الليل كله تنظّف السيارة من الداخل بعدة منظفات، وعليك أن تأخذ حمامًا بالماء البارد في العراء. هذا هو تارانتينو الذي لا يقدّم مشهدًا معتادًا أبدًا وروح السخرية لديه لا تقهر.
طل الملاكمة كوليدج يتقاضى رشوة كي يخسر المباراة، لكنه يكسبها ويفتك بخصمه ويفر.. ويقضي الوقت في مطاردة مرعبة يحاول فيها زعيم العصابات الأسود مارسيلوس الظفر به، وهي المطاردة التي تنتهي بسقوطهما معًا مع وغدين منحرفين.
اشتهر هذا الجزء من الفيلم بعبارة:
Bring out the gimp، والـ gimp هي بذلة تستخدم لتقييد الضحية.
هناك حقيبة خاصة بالزعيم الأسود وتنتقل من يد ليد، وكلما فتحها أحدهم بدا عليه الذهول، لكننا لا نعرف ما فيها أبدًا. وقد حاول الكثيرون من مشاهدي الفيلم تخمين ما فيها، لكن تارانتينو نفسه يقول: الحقيبة فيها ما تتخيّله أنت.
وعندما نعود للمطعم الذي بدأ الفيلم فيه، نجد أنفسنا في مشهد مواجهة بالمسدسات على طريقة الوقفات المكسيكية الشهيرة بين اللصين التعسين وترافولتا وجاكسون. ويقرّر جاكسون أن يُطلق سراح اللصين بما سرقاه؛ لأنه شعر بأن السماء تريد له أن يعتزل مهنة القتل.
هكذا ينتهي هذا الفيلم شديد الإمتاع، والذي لا يمكن وصفه إلا بمشاهدته. إن تارانتينو يُجيد عمل أفلام عن الأفلام.. أي أنه يعيد خلق أجواء أفلام المغامرات التي أحبّها في طفولته، وفيما بعد قدّم مع صديقه روبرت رودريجز فيلمًا ملفّقًا بالكامل هو "جرايند هاوس"، أي أنهما في أيامنا هذا صنعا فيلمًا من أفلام السبعينيات.
قام بالتصوير أندريه سيكولا، وحرص على أن يُعطي الصورة طابع أفلام الخمسينيات المميز.. المونتاج قامت به سالي منك، والفيلم لم يتكلّف سوى 8 ملايين دولار، وهي ملاليم بالنسبة للسينما الأمريكية طبعًا، لكنه حصد 214 مليونًا عبر العالم، وأعاد البريق لممثلين مهمين؛ هما بروس ويليز وجون ترافولتا.
عُرض الفيلم في مهرجان كان عام 1994، ونال جائزة السعفة الذهبية، كما رُشّح الفيلم لسبع جوائز أوسكار؛ فاز منها بجائزة أفضل سيناريو أصلي للشاشة، وما زال لهذا الفيلم الجميل أتباع متحمّسون حول العالم.. لقد جاء كونتين تارانتينو ليبقى.
كان هذا الفيلم الجميل من أفلام الحافظة الزرقاء..
تاريخ النشر: 19/05/2011 - 02:51:39 pm
عنوان المقال:
[link]http://www.boswtol.com/art-and-entertainment/variety-entertainment/11/may/19/33846[/link] - DirectorDavid LeanStarsWilliam HoldenAlec GuinnessJack HawkinsBritish POWs are forced to build a railway bridge across the river Kwai for their Japanese captors in occupied Burma, not knowing that the allied forces are planning a daring commando raid through the jungle to destroy it.
- DirectorMichael CacoyannisStarsTom CourtenaySam WanamakerColin BlakelyA plane carrying a weapon more dangerous than a nuclear weapon goes down near Greece. To prevent panic, the officials go in dressed as tourists (who are dressed so casually, that the pilots assume that they are all gay). The pilots are not to make themselves known and can't contact the rescue team. The secrecy causes a comedy of errors including the desolate Greek Isle deciding that since tourists have now arrived, they have to become touristy.
- DirectorCosta-GavrasStarsYves MontandIrene PapasJean-Louis TrintignantThe public murder of a prominent politician and doctor amid a violent demonstration is covered up by military and government officials. A tenacious magistrate is determined not to let them get away with it.